الإمتاع بالأربعين المتباينة السماع ويليه أسئلة من خط الشيخ العسقلاني

ابن حجر العسقلاني ت. 852 هجري
63

الإمتاع بالأربعين المتباينة السماع ويليه أسئلة من خط الشيخ العسقلاني

محقق

أبو عبد الله محمد حسن محمد حسن إسماعيل الشافعي

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨ هجري

مكان النشر

بيروت

وتعذيب وروح الْمُؤمن إِمَّا فِي غم إِذا كَانَ عَاصِيا لله دون غم الْكَافِر وَإِمَّا فِي بشر وسرور إِذا كَانَ مُطيعًا وَسَيَأْتِي تَفْصِيل ذَلِك وَالَّذِي تَقْتَضِيه ظواهر الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة أَن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فِي عليين وأرواح الْكفَّار فِي سِجِّين وَلَكِن لكل مِنْهُمَا اتِّصَال بجسدها وَذَلِكَ الِاتِّصَال معنوي لَا يشبه الِاتِّصَال الَّذِي بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَأقرب مَا يشبه بِهِ النّوم فَإِن روح النَّائِم قد فَارَقت جسده وَلَكِن لَيْسَ فراقا كليا بِحَيْثُ تنفصل عَنهُ الْبَتَّةَ بل اتصالها بالجسد اتِّصَال قوي جدا وَأما روح الْمَيِّت ففارقت جسده فراقا كليا لَكِن يبْقى لَهَا بِهِ اتِّصَال مَا بِهِ يَقع إِدْرَاك لبدن الْمُؤمن التَّنْعِيم وَإِدْرَاك الْكَافِر التعذيب لِأَن النَّعيم يَقع لروح هَذَا وَالْعَذَاب يَقع لروح هَذَا وَيدْرك ذَلِك الْبدن على مَا هُوَ الْمَذْهَب الْمُرَجح عِنْد أهل السّنة فَهُوَ أَن النَّعيم وَالْعَذَاب فِي البرزخ يَقع على الرّوح والجسد وَذهب فريق مِنْهُم على أَنه يَقع على الرّوح فَقَط فقد وَردت آثَار كتبت فِي منامات عديدة تبلغ التَّوَاتُر الْمَعْنَوِيّ فِي تَقْوِيَة الْمَذْهَب الرَّاجِح أورد مِنْهَا الْكثير أَبُو بكر بن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْقُبُور وَأَبُو عَبْد اللَّهِ بْن مَنْدَه فِي كتاب الرّوح وَذكر الْكثير مِنْهَا ابْن عبد الْبر فِي الاستذكار وَعبد الْحق فِي الْعَاقِبَة وَغَيرهم وَهِي إِن كَانَت لَا تنهض للحجة لَكِنَّهَا مِمَّا تصلح أَن يرجح بِهِ وَإِذا تقرر ذَلِك فَمن قَالَ إِن النَّعيم أَو الْعَذَاب يَقع على الرّوح وَالْبدن مَعًا يَقُول إِن الْمَيِّت يعرف من يزوره وَيسمع من يقْرَأ عِنْده إِذْ لَا مَانع من ذَلِك وَمن قَالَ إِن النَّعيم أَو الْعَذَاب يَقع على الرّوح فَقَط وَلَا يمْنَع ذَلِك أَيْضا إِلَّا من زعم مِنْهُم أَن الْأَرْوَاح المعذبة مَشْغُولَة بِمَا فِيهِ والأرواح المنعمة مَشْغُولَة بِمَا فِيهِ فقد ذهب إِلَى ذَلِك طوائف من النَّاس وَالْمَشْهُور خِلَافه وَسَنذكر فِي السُّؤَال الرَّابِع أَشْيَاء تقَوِّي الْمَذْهَب الرَّاجِح وَالله الْمُوفق وَأما قَوْله إِذا تبرع عَن الْمَيِّت بصدقه أَو عتق أَو ضحية أَو وقف هَل يصل إِلَيْهِ ثَوَابه فَالْجَوَاب أَن ثَوَاب الصَّدَقَة يصل إِلَى الْمَيِّت عِنْد جُمْهُور أهل الْعلم من أهل السّنة وشذ من

1 / 78