ترجمة الإمام الجعبري
توطئة
الإمام الجعبريُّ ﵀ أستاذٌ محققٌ، وشيخ القراء في زمانه، انتشر صيته في الآفاق، فلا عجب أن يلتفت الطلاب إليه، ويتسابقوا للاستفادة من علمه، ونيل الإجازة منه، ويترجموا له في مصنفاتهم، وهم بين مقلٍّ ومكثرٍ في ذلك.
وقد ذكر الدكتور حسن بن محمد مقبولي الأهدل (ت: ١٤٣٦ هـ) الكتب التي ترجمت للناظم فبلغت - حسب إحصائه - (٣٤) كتابًا (^١).
ثم أضاف إليها الدكتور أحمد اليزيدي (ت: ١٤٢٤ هـ) كتابين آخرين فصارت (٣٦) كتابًا (^٢)، وقد حاولا -رحمهما الله- أن يستوعبا كل هذه الكتب، لتخرج ترجمةً كاملةً جامعةً للناظم.
وجاء بعدهما الدكتور محمد ايت عمران في رسالته للدكتوراه (شرح عقود الجمان في تجويد القرآن) (^٣) فكتب ترجمةً للناظم استدرك فيها ما فات سابقيه.
ثم جاء بعدهما - أخيرًا - أحد أحفاد الناظم وهو المهندس عيسى خيري الجعبري - وفقه الله- فكتب ترجمةً موسعةً لِجَدِّهِ - وأهداني نسخة منه - في كتاب سمَّاه (الإمام برهان الدين الجعبري شيخ القراء وشيخ حرم الخليل ﵇ حياته وآثاره) (^٤) استغرقت من الصفحات (٢٤٠) صفحة تقريبًا.
وها أنا - بحول الله وقوته - أكتب ما تيسَّر لي من ترجمةٍ للناظم، بعد اطلاعي على ما ذكرته سابقًا، فنسأل الله التيسير والإعانة.
_________
(^١) انظر: مقدمة المحقق د: حسين محمد مقبولي الأهدل لكتاب رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار للناظم: ١١ - ٢٢.
(^٢) انظر: الجعبري ومنهجه في كنز المعاني، لأحمد اليزيدي (ت: ١٤٢٤ هـ): ١/ ٢٦.
(^٣) سيأتي ذكرها ضمن مؤلفات الإمام الجعبري: ٤٦.
(^٤) قام بطبع الكتاب ونشره دار طغراء للدراسات والنشر، ١٤٤١ هـ-٢٠٢٠ م.
1 / 1
المبحث الأول: اسمه، ولقبه، وكنيته، ونسبه
اسمُه:
هو: الإمام العلامة الأستاذ (^١) إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن خليل بن أبي العباس (^٢)، الرَّبَعِيُّ، الجَعْبَرِيُّ، السَّلَفِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
لَقَبُهُ:
لُقِّبَ في بغداد بـ (تقيِّ الدين) وفي غيرها بـ (برهان الدين) (^٣)، وَلُقِّبَ بـ (رضي الدين) (^٤).
كنيتُه: كُنِّيَ الناظم بأبي محمد (^٥)، وكُنِّيَ بشيخ الخليل (^٦) بعد وفاة والده، وَكُنِّيَ بأبي إسحاق (^٧)، جريًا على عادة الناس فيمن اسمه إبراهيم، كما أَنَّهُ أَيضًا كُنِّيَ بِأَبِي العبَّاسِ (^٨)، ودُعِيَ بابنِ السراج (^٩)، وابن مؤذن جعبر (^١٠).
_________
(^١) وَصَفَهُ بهذا الوصف: الذهبي في معرفة القراء: ٧٩٧، وابن الجزري في غاية النهاية: ١/ ٤٥.
(^٢) تراجع ترجمته في المصادر التالية: معرفة القراء للذهبي (ت: ٧٤٨ هـ) (ص: ٧٩٧)، وبرنامج ابن جابر الوادي آشي (ت: ٧٤٩ هـ) (ص: ٥١)، وأعيان العصر وأعوان النصر للصفدي (ت: ٧٦٤ هـ) (١/ ١٠٥)، والوافي بالوفيات له أيضًا (٦/ ٧٣)، وفوات الوفيات للكتبي (ت: ٧٦٤ هـ) (١/ ٣٩)، ومرآة الجنان لليافعي (ت: ٧٦٨ هـ) (٣/ ٢١٥)، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي (ت: ٧٧١ هـ) (٩/ ٣٩٨)، وطبقات الشافعية للأسنوي (ت: ٧٧٢ هـ) (١/ ٣٨٥)، وتاريخ علماء بغداد لابن رافع (ت: ٧٧٤ هـ) (ص: ١١)، (٢/ ٧٩)، والبداية والنهاية لابن كثير (ت: ٧٧٤ هـ) (١٤/ ١٧٤)، وغاية النهاية لابن الجزري (ت: ٨٣٣ هـ) (١/ ٤٥)، وطبقات الشافعية، لابن قاضي شهبة (ت: ٨٥١ هـ) (٢/ ٣١٨)، والدرر الكامنة لابن حجر (ت: ٨٥٢ هـ) (١/ ٥١)، والمنهل الصافي لابن تغري بردي (ت: ٨٧٤ هـ) (١/ ١٣١)، وبغية الوعاة للسيوطي (ت: ٩١١ هـ) (١/ ٤٢٠)، والأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل للعليمي (ت: ٩٢٧ هـ) (٢/ ٢٥٢)، ودرة الحجال لابن القاضي (ت: ١٠٢٥ هـ) (١/ ١٨٤)، وشذرات الذهب لأبي الفلاح (ت: ١٠٨٩ هـ) (٨/ ١٧١ - ١٧٢)، وديوان الإسلام لابن الغزِّي (ت: ١١٦٧ هـ)، والأعلام للزركلي (ت: ١٣٩٦ هـ) (١/ ٥٥)، ومقدمة المحقق الدكتور: حسن الأهدل (ت: ١٤٣٦ هـ) لكتاب رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار للناظم (ص: ١١ - ٦٩)، والجعبري ومنهجه في كنز المعاني لأحمد اليزيدي (ت: ١٤٢٤ هـ) (ص: ٢٥ - ١٦٠). وغيرها.
(^٣) انظر: الدرر الكامنة: ١/ ٥١، وبغية الوعاة: ١/ ٤٢٠، ودرة الحجال: ١/ ١٨٤.
(^٤) انظر: برنامج الوادي آشي: ٥١.
(^٥) هو: الشَّيْخ الْفَاضِل شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن ابراهيم بن عمر بن خَلِيل بن أبي الْعَبَّاس الجعبري الشَّافِعِي ولد فِي حُدُود: ٦٩٠ هـ، وَسمع الحَدِيث على جمَاعَةٍ، مِنْهُم وَالِده، واستجاز لَهُ أَبوهُ جمعًا، وَوَلِيَ مشيخة حرم الْخَلِيل ﵊ بعد وَالِده، وانفصل مِنْهَا، ثُمَّ أُعِيدَ وَاسْتمرّ الى أَن مَاتَ فِي ثَالِث عشر صفر، سنة: ٧٤٩ هـ، وَكَانَ قد زَوَّجَهُ وَالِده بِالْمَرْأَةِ الصَّالِحَة زهراء بنت الشَّيْخ زين الدّين عمر بن أخي الشَّيْخ عَليّ البكاء، فَولدت لَهُ عدَّة أَوْلَاد، يُعْرَفُ مِنْهُم خَمْسَةٌ: مُحَمَّد وَأحمد وَعمر وَعلي وإبراهيم. انظر: غاية النهاية: ١/ ٤٥، وتاريخ علماء بغداد: ١١، والأنس الجليل: ٢/ ٢٥٢.
(^٦) اسم موضع وبلدة قرب بيت المقدس، فيه قبر الخليل إبراهيم ﵇، وبالخليل سُمِّيَ الموضع. معجم البلدان: ٢/ ٤٤٢ - ٤٤٣.
(^٧) كَنَّاهُ بهذه الكنية: الذهبي في معرفة القراء الكبار: ٧٩٧، والوادي آشي في برنامجه: ٥١، وابن رافع في تاريخ علماء بغداد: ١١، ودرة الحجال: ١/ ١٨٤. وانظر: مقدمة المحقق د: حسين محمد مقبولي الأهدل لكتاب رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار للناظم: ٣٤.
(^٨) انظر: بغية الوعاة: ١/ ٤٢٠، وديوان الإسلام: ٢/ ٧٩، ومقدمة المحقق د: حسين محمد مقبولي الأهدل لكتاب رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار للناظم: ٣٤.
(^٩) انظر: الدرر الكامنة: ١/ ٥١.
(^١٠) انظر: فوات الوفيات: ١/ ٣٩، والمنهل الصافي: ١/ ١٣١.
1 / 2
نسبه:
انحصرت أنساب الناظم في خمسة، وهي كالتالي:
١ - (الرَّبَعِيُّ) (^١): بفتح الراء والباء المنقوطة بواحدة وفي آخرها العين المهملة، واختلف في سبب النسبة إليها، فقيل: لأنه يرجع في نسبه إلى: ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان (^٢)، فعلى هذا: هو عَرَبِيُّ الأصل ينحدر نسبه الأعلى من عائلة عربية (^٣).
وقيل: نسبةً إلى إحدى قرى سوريا تعرف بربيعة (^٤).
٢ - (الجَعْبَرِيُّ): نسبةً إلى جَعْبَرْ، والجَعْبَرْ لغةً: القصير الغليظ، وهو بفتح الجيم وسكون العين المهملة وبعدها باء موحدة مفتوحة ثم راء. قيل: نسبة إلى جده الأعلى الذي نزل القلعة (الدَّوْسَرِيَّة) قديمًا، والتي تنسب إلى (دَوْسَرْ) غلام النعمان بن المنذر ملك الحيرة، في آخر القرن الخامس الهجري، والتي سُمِّيَتْ فيما بعد بـ (قلعة جَعْبَرْ) نسبةً إلى: جعبر بن سابق بن مالك، رجل من بني قشير بن كعب بن ربيعة، نزل هذه المنطقة المذكورة، واستولى عليها ولقب نفسه بالأمير سابق الدين الجعبري (^٥).
وقيل: نسبةً إلى قلعة جعبر التي وُلِدَ بها (^٦).
ويُنسَبُ إلى هذه القلعة جماعة من أهل العلم (^٧)، ومنهم الناظم.
٣ - (الخليليُّ) نسبةً إلى بلد الخليل - إبراهيم ﵇ بفلسطين، لأنها موطنه الأخير الذي استقر فيه، وأخذ منصب القضاء فيه، وعاش فيه بضعًا وأربعين عامًا حتى الوفاة (^٨).
٤ - (السَّلَفَيُّ): نسبةً إلى طريقة السَّلَفِ أيضًا (^٩)، لأنه سَلَفِيُّ المعتقد (^١٠).
٥ - (الشَّافِعِيُّ): نسبةً إلى مذهب الإمام الشافعي (^١١)، لكونه من فقهاء الشافعية (^١٢).
_________
(^١) انظر: برنامج الوادي آشي: ٥١، وتاريخ علماء بغداد: ١١، طبقات الشافعية، لابن قاضي شهبة: ٢/ ٣١٨.
(^٢) انظر: الأنساب: ٦/ ٧٦.
(^٣) انظر: مقدمة المحقق د: حسين محمد مقبولي الأهدل لكتاب رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار للناظم: ٣٤، والإمام برهان الدين الجعبري حياته وآثاره، م. عيسى خيري الجعبري: ١٧.
(^٤) انظر: الجعبري، ومنهجه في كنز المعاني لليزيدي: ١/ ٤١.
(^٥) انظر: معجم البلدان: ٢/ ١٦٥، ووفيات الأعيان: ١/ ٣٦٣، ومقدمة المحقق د: حسين محمد مقبولي الأهدل لكتاب رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار للناظم: ٣٤.
(^٦) انظر: معرفة القراء: ٧٩٧، وغاية النهاية: ١/ ٤٥.
(^٧) انظر مثلًا: تاريخ الإسلام: ١٢/ ١٩٣، ١٥/ ٥٨٩، ٨٦٩، ٨٧٣.
(^٨) انظر: الوافي بالوفيات: ٦/ ٧٣، وبرنامج الوادي آشي: ٥١، والأعلام: ١/ ٥٥، والجعبري ومنهجه في كنز المعاني: ١/ ٤٢.
(^٩) قال ابن الجزري (ت: ٨٣٣ هـ): «بِفَتْحَتَيْنِ نِسْبَةً إِلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ»، انظر: غاية النهاية: ١/ ٤٥، والدرر الكامنة: ١/ ٥١، وبغية الوعاة: ١/ ٤٢٠.
(^١٠) انظر: مقدمة المحقق د: حسين محمد مقبولي الأهدل لكتاب رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار للناظم: ٣٤.
(^١١) وهو: محمد بن إدريس بن العباس، أبو عبد الله القرشي، الإمام المشهور، روى عن: مالك بن أنس وسفيان بن عيينة ومسلم بن خالد وغيرهم، وروى عنه: أحمد بن حنبل والحميدي وحرملة بن يحيى وغيرهم، من مؤلفاته: «الرسالة»، و«جماع العلم»، (ت: ٢٠٤ هـ). انظر: تاريخ دمشق: ٥١/ ٢٧٦، وتاريخ بغداد: ٢/ ٣٩٢ - ٤١٤.
(^١٢) انظر: الوافي بالوفيات: ٦/ ٤٩، والأعلام: ١/ ٥٥، والجعبري ومنهجه في كنز المعاني: ١/ ٤٢.
1 / 3
المبحث الثاني: مولده، ونشأته، ورحلاتُهُ وطلبُهُ للعلم
مولدُه:
ولد الناظم ﵀ في قلعة جعبر (^١) في حدود سنة: (٦٤٠ هـ)، أو قبلها بقليل (^٢).
قال الناظم:
وَخُذْ مَوْلِدِي فِي أَرْبَعِينَ مُقَرَّبًا … وَسِتِّ مِئَاتٍ أَوْ مَئِينٍ عَلَى الرَّسْمِ (^٣)
نشأتُه:
نشأ الإمام برهان الدين الجعبري نشأةً علميةً، وَتَرَبَّي تربيةً إسلاميةً سليمةً في أسرةٍ كريمةٍ مشهورةٍ بالعلمِ.
ولم تذكر لنا كتب التراجم شيئًا كثيرًا عن حياة والده العلمية ونشأته ولا تاريخ ولادته ولا وفاته، وإنما ذكرت ما يلي:
١ - اشتهر بمؤذن جعبر، قال الذهبي (ت: ٧٤٨ هـ): «المؤذن والده» (^٤).
٢ - سمع الحديث عن: أبي الحجاج يوسف بن خليل بن قُرَاجَا بن عبد الله الدمشقي الأَدَمِيُّ، أبو الحجاج الحافظ (ت: ٦٤٨ هـ) (^٥)، قال الناظم عنه في عوالي مشيخته: «الشيخ شمس الدين أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي، محدثٌ مجيدٌ، سمع والدي عليه جزء ابن عرفة، وأجازناه» (^٦)، وذكر البِرْزَالِيُّ (ت: ٧٣٩ هـ) إجازته للناظم، فقال: «ووقفت على إجازته له بخطه على نسخة بـ «جزء ابن عرفة» (^٧).
_________
(^١) بالفتح، ثم السكون، وباءٌ موحَّدَةٌ مفتوحةٌ، وراءٌ، وقلعة جعبر: على الفرات بين بالس والرقة قرب صِفِّين. انظر: معجم البلدان: ٢/ ١٦٥، ومراصد الاطلاع: ١/ ٣٣٥.
(^٢) انظر: المشيخة الشامية: ٢٦، ومعرفة القراء: ٧٩٧، والوافي بالوفيات: ٦/ ٤٩، وغاية النهاية: ١/ ٤٥.
(^٣) انظر: الهبات الهنيات: ١٢، ومرآة الجنان: ٤/ ٢١٥، ومقدمة المحقق د: حسين محمد مقبولي الأهدل لكتاب رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار للناظم: ٣٣، والجعبري ومنهجه في كنز المعاني: ١/ ٤١.
(^٤) انظر: معرفة القراء: ٧٩٧.
(^٥) هو الإمام يوسف بن خليل بن قَرَاجا بن عبد الله الدمشقي، نزيل حلب وشيخها، محدثٌ، حافظٌ، مؤرِّخٌ، (ت: ٦٤٨ هـ). انظر: تاريخ الإسلام: ١٤/ ٦١٠ - ٦١٢، وشذرات الذهب: ٧/ ٤١٩ - ٤٢١.
(^٦) انظر: عوالي مشيخة الجعبري: ١٦، وذيول العبر: ٤/ ٩٤.
(^٧) انظر: المشيخة الشامية: ٢٦.
1 / 4
٣ - قال الناظم في ترجمة الشيخ كمال الدين أبو عبد الله محمد بن الحسن المسحي (^١): «قاضينا، روى في رحلته إلى بغداد عن محيي الدين يوسف ابن الجوزي (^٢)، وقرأ عليه جزء ابن عرفة (^٣)، وسمعته ووالدي عليه، وأحكام عبد الحق الصغرى (^٤)، كنت أحضر درسه وأنا ذو عشر، فلما تولَّاها الشيخ شمس الدين الأصفهاني (^٥) نزَّلني بها، وأثنى على اشتغالي» (^٦).
_________
(^١) انظر: عوالي مشيخة الجعبري: ١٦، ولم أجد له ترجمةً فيما توافر لديَّ من مصادر، وسمَّاه تلميذاه البرزاليُّ (ت: ٧٣٩ هـ) في المشيخة الشامية: ٢٦، وابن رافع السلامي (ت: ٧٧٤ هـ) في تاريخ علماء بغداد: ١١: «القاضي كمال الدين محمد بن أبي الحسن بن سالم بن مسلم المنْبِجي الشافعي»، وسمَّاه ابن حجر (ت: ٨٥٢ هـ) في الدرر الكامنة: ١/ ٥٠: «محمد بن سالم المنبجي ابن البواري»، وسمَّاه السيوطي (ت: ٩١١ هـ) في بغية الوعاة: ١/ ٤٢١: «محمد بن سالم المنبجيّ»، كان حيًّا سنة: (٦٥٠ هـ)، لأن الناظم حضر درسه وهو ابن عشر سنين.
(^٢) هو الإمام يوسف بن عبد الرحمن بن علي بن الجوزي، العلامة محيي الدين أبو المحاسن، الواعظ البغدادي الحنبلي، قرأ بالروايات العشر هو ووالده على أبي بكر ابن الباقلاني، وسمع من ابن كليب وعبد الله ابن عبد السلام وأبيه وعدة، وحدَّث ببغداد وغيرها، قُتِلَ شهيدًا هو وابناه: جمال الدين المحتسب وتاج الدين عبد الكريم، سنة: ٦٥٦ هـ. انظر: صلة التكملة: ٣٧٣، وتاريخ الإسلام: ١٤/ ٨٥٤ - ٨٥٥.
(^٣) مؤلفه الإمام: أبو علي الحسن بن عرفة بن يزيد العبديُّ البغداديُّ، اختلف في سنة وفاته، فقيل: (٢٥٧ هـ)، وقيل غير ذلك، وطبع بعنوان: جزء الحسن بن عرفة العبدي، حَقَّقَهُ وَعَلَّقَ عَلَيْهِ وَخَرَّجَ أَحَادِيثَهُ وَآَثَارَهُ: عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي.
(^٤) هو: أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله، الأزدي الأندلسي الإشبيلي البجائي، ويعرف بابن الخراط، روى عن أبي الحسن شريح وجماعة، وحدَّثَ عنه جماعة، نزل بجاية، وولي خطابتها، وبها توفي في ربيع الآخر سنة: ٥٨١ هـ، بعد محنةٍ نالته. انظر: تاريخ الإسلام: ١٢/ ٧٢٩ - ٧٣١، والوافي بالوفيات: ١٨/ ٣٩ - ٤٠، وكتابه بعنوان: الأحكام الشرعية الصغرى "الصحيحة". تحقيق: أم محمد بنت أحمد الهليس.
(^٥) هو: أبو عبد الله محمد بن محمود الكافي، العلامة شمس الدين الأصبهانيُّ الأصوليُّ، قدم الشام بعد سنة: ٦٥٠ هـ، وناظر الفقهاء، واشتهرت فضائله وانتهت إليه الرياسة في معرفة أصول الفقه، وَشَرَحَ "المحصول" للإمام الرازي، وَصَنَّفَ كتاب "القواعد"، وله "غاية الطلب" في المنطق، وله معرفة بالأدب والشعر، ولد بأصبهان سنة: ٦١٦ هـ، وتوفي بالقاهرة سنة: ٦٨٨ هـ. انظر: تاريخ الإسلام: ١٥/ ٦١٩ - ٦٢٠، فوات الوفيات: ٤/ ٣٨.
(^٦) عوالي مشيخة الجعبري: ١٦.
1 / 5
٤ - ذكر الناظم أنَّ والده قرأ على الحافظ مجد الدين أبي البركات عبد السلام بن تيمية الحراني (ت: ٦٥٢ هـ) (^١)، كتابه "المنتقى من أحاديث الأحكام" (^٢)، وأجازهما به، وأجازهم كذلك بكتاب ابن عمِّهِ فخر الدين (^٣) "ديوان الخطب" (^٤).
٥ - قال الناظم في عوالي مشيخته في ترجمة الشيخ نجم الدين عبد الله البَادَرَائِيُّ (ت: ٦٥٥ هـ) (^٥): «سمعت ووالدي عليه جزءًا عند عبوره علينا في رسالة الخليفة» (^٦).
_________
(^١) هو: الإمام أبو البركات عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم، مجد الدين بن تيمية الحراني الحنبليُّ المقرئ، أحد الأئمة الأعلام في علوم الإسلام، قرأ بكتاب المبهج على الشيخ عبد الواحد بن سلطان، وقرأ عليه بالروايات أبو عبد الله القيروانيُّ، وحدَّث عنه جماعة. ولد في حدود سنة: ٥٩٠ هـ، وتوفي سنة: ٦٥٢ هـ. انظر: معرفة القراء: ٧٠٩ - ٧١٠، وغاية النهاية: ٢/ ٥٧٩ - ٥٨٠.
(^٢) طُبِعَ بعنوان: المنتقى في الأحكام الشرعية من كلام خير البرية ﷺ، تحقيق وتعليق: طارق بن عوض الله بن محمد، ١٤٢٩ هـ، دار ابن الجوزي، الرياض، وأشهر شروحه: نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، للإمام محمد بن علي الشوكاني (ت: ١٢٥٠ هـ)، قدم له واعتنى به وخرج أحاديثه: رائد بن صبري ابن أبي علفة، ٢٠٠٤ م، بيت الأفكار الدولية، لبنان.
(^٣) هو: أبو الفرج فخر الدين عبد القاهر بن أبي محمد بن أبي القاسم ابن تيمية الحراني الحنبلي، سمع من جدِّهِ، ومن أبي المنجَّى عبد الله بن عمر ابن اللِّتِّي، وحدَّث بدمشق، وخطب بجامع حران. ولد بحران سنة: ٦١٢ هـ، وتوفي سنة: (٦٧١ هـ). انظر: صلة التكملة: ٢/ ٦٣٧، وشذرات الذهب: ٧/ ٥٨٣، وتسهيل السابلة: ٢/ ٨٥٨.
(^٤) لم أجد له ذكرًا لا مخطوطًا ولا مطبوعًا، حسبما توافر لدي من مصادر.
(^٥) في المخطوط والمطبوع «البَاذَالِيُّ»، واختلف فيه، فقيل: «البَاذَرَائِيُّ»، وقيل: «البَدْرَائِيُّ»، وقيل: «البَادْرَائِيُّ»، والصوابُ «البَادَرَائِيُّ»، وهو: القاضي أبو محمد عبد الله بن أبي الوفاء محمد بن الحسن، الإمام نجم الدين البغدادي الشافعي الفرضي، وسمع من عبد العزيز بن منينا، وأبي المنصور الرزاز، وغيره، كان فاضلًا، بارعًا، رئيسًا، وقورًا، متواضعًا، تَفَقَّهَ، وَبَرَعَ، ودَرَّسَ بالنظامية ببغداد، وولي بها القضاء مُدَّةً على كُرْهٍ، ولد سنة: (٥٩٤ هـ)، وتوفي سنة: (٦٥٥ هـ). انظر: العبر: ٣/ ٢٧٦، والوافي بالوفيات: ١٧ - ٣١٣، وطبقات الشافعية الكبرى، للسُّبكي: ٨/ ١٥٩، والبداية والنهاية: ١٣/ ٢٢٢، وشذرات الذهب: ٧/ ٤٦٤. قال السيوطي (ت: ٩١١ هـ): «البَادَرَائِيُّ: بفتح الموحدة والدال والراء المهملتين، نسبة إلى: بَادَرَايا، قرية من عمل واسط». انظر: لب اللباب في تحرير الأنساب: ١/ ٢٥.
(^٦) انظر: عوالي مشيخة الجعبري: ١٢، ١٦.
1 / 6
٦ - قال علم الدين القاسم بن محمد البرزالي (ت: ٧٣٩ هـ): «والذي يغلب على الظنِّ أنَّ والد الشيخ برهان الدين الذي استجاز لولده من جماعةٍ ممن أدركهم، فإنه كان من طلبة الحديث، وله اعتناءٌ بذلك، ولكن ذهبت الكتب والأوراق لما خَرِبَتِ البلادُ ودخلها التتار» (^١).
٧ - وُجِدَتْ سماعات على الشيخ الإمام العالم الوحيد الحافظ شيخ الإسلام شمس الدين أبي الحجَّاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقيّ (ت: ٦٤٨ هـ)، لكتاب المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم لأبي نعيم الأصبهاني (ت: ٤٣٠ هـ): وكان ممن سمعه عليه (أبو حفص عمر بن إِبراهيم بن خليل المؤذِّن الجعبري)، وهو والد الناظم، وكانت هذه السماعات بحلب (^٢).
٨ - وهناك قراءة على مخطوطةٍ للناظم، وهو: «رسوم التحديث في علوم الحديث (^٣)»، من أحد تلاميذه، وكاتبه: يحيى بن إبراهيم بن يحيى الغزي الشافعي (^٤)، قال فيه: «أما بعد: حمدا لله الذي علم بالقلم وفضل من بالعلم اتسم فقد قرأت جميع هذا المصنف الملقب بـ «رسوم التحديث في علوم الحديث» على مؤلفه الشيخ الإمام العالم العامل الصدر الكامل الورع العلامة مفتي المسلمين لسان المتكلمين فريد دهره، ووحيد عصره والمنفرد بعلوم الفنون في هذا العصر والسنين برهان الدين أبو محمد إبراهيم بن الشيخ الإمام العالم العامل العدل المرتضى … سراج الدين أبي حفص عمر بن الشيخ الإمام العالم العلامة برهان الدين الرَّبَعِي الجعبري المتصدر للإقراء بحرم خليل الله إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه …» (^٥).
فهذا السَّمَاع فيه دلالةٌ على أنَّ والد الناظم وَجَدِّهِ أيضًا، كانت لهما مشاركة في العلم. والله أعلم.
_________
(^١) انظر: المشيخة الشامية: ٢٦.
(^٢) استفدتها باختصار من كتاب: الإمام برهان الدين الجعبري حياته وآثاره، م. عيسى خيري الجعبري (ص: ٢٠)، وانظر هذه السماعات في المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم لأبي نعيم الأصبهاني (ت: ٤٣٠ هـ): ١/ ١٨٤، ٣٣٨، ٢/ ١٤٦، ٢٢١، ٣٠٠، ٣٩٤، ٤٩٧، ٤٩٩، ٣/ ٢٤٩، ٤/ ٢١، ١٠٢.
(^٣) حققه الطالب/ أحمد لطفي فتح الله، للحصول على درجة الماجستير، الجامعة الأردنية، ١٩٩٤ م.
(^٤) لم أجد له ترجمةً فيما توافر لديَّ من مصادر.
(^٥) استفدتها باختصار من كتاب: الإمام برهان الدين الجعبري حياته وآثاره، م. عيسى خيري الجعبري: ٢٠ - ٢١، وانظر: رسوم التحديث في علوم الحديث، تحقيقًا ودراسةً، إعداد الطالب: أحمد لطفي فتح الله، رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الأردنية، ١٩٩٤ م، (ص: ٣٩ - ٤٠).
1 / 7
وللناظم أخٌ -أصغر منه سنًّا- يُدعى: أبا عبد الله محمد بن عمر بن إبراهيم الجعبري، ولد سنة: (٦٤٢ هـ). تقريبًا، وأجاز له يوسف بن خليل (ت: ٦٤٨ هـ)، وَأَخَذَ عنه البرزالي (ت: ٧٣٩ هـ)، وقال: «شيخٌ مباركٌ، مقيمٌ بمشهد جعفر الطيار، بالقرب من الكَرَكْ (^١) أكثر من عشرين سنة، وثقُلَ سمعُهُ، قرأت عليه سنة: (٧٢٨ هـ) ـ» (^٢).
وقد أخبرنا الناظم عن نفسه بأنه بَدَأَ بالقراءة والسماع على علماء بلده وهو في التاسعة من عمره، أي في عام: (٦٤٩ هـ) (^٣).
وسمع - كذلك - من أخيه الحافظ إبراهيم بن خليل بن عبد الله الدمشقي الأَدَمِيُّ (ت: ٦٥٨ هـ) (^٤).
قال الأسنوي (ت: ٧٧٢ هـ) في ترجمة الناظم: «قرأ على ابن يونس (ت: ٦٧١ هـ)، صاحب "التعجيز"، وسَمِعَ عليه كتابه، وصنَّف تصانيف كثيرة، منها: "تكملة شرح التعجيز"، فإنَّ مصنِّفه وصل فيه إلى أثناء الجنايات» (^٥).
فأسرةٌ هذا تاريخها، تعتبر من أهم المقومات الكفيلة ببناء شخصية الناظم، وتفوقه العلمي على نظرائه وقرنائه.
_________
(^١) كَرَك: بفتح أوله وثانيه، وكاف أخرى، ....، اسم لقلعة حصينة جدًا في طرف الشام من نواحي البلقاء في جبالها بين أيلة وبحر القلزم وبيت المقدس، وهي على جبلٍ عالٍ، تحيط بها أودية إلا من جهة الربض. معجم البلدان: ٤/ ٥١٤.
(^٢) انظر: الدرر الكامنة: ٤/ ١٠٢، ومقدمة المحقق د: حسين محمد مقبولي الأهدل لكتاب رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار للناظم: ٣٤.
(^٣) انظر: برنامج الوادي آشي: ٥١.
(^٤) هو: نجيب الدين أبو إسحاق إبراهيم بن خليل الدمشقي الأدمي، سمع من: عبد الرحمن بن علي الخرقي، ويحيى الثقفي، وجماعة، حَدَّثَ بدمشق وحلب، ولد سنة: ٥٧٥ هـ، وأَعْدَمَهُ التتار بحلب سنة: ٦٥٨ هـ. انظر: الوافي بالوفيات: ٥/ ٢٢٦ - ٢٢٧، والعبر: ٥/ ٢٤٤، والدرر الكامنة: ١/ ٥٠، وشذرات الذهب: ٧/ ٥٠٥.
(^٥) انظر: الوافي بالوفيات: ٦/ ٤٩، وطبقات الشافعية، للأسنوي: ١/ ٣٨٥ - ٣٨٦، وكشف الظنون: ١/ ٤١٧.
1 / 8
رحلاتُهُ وطلبُهُ للعلم:
رحل الناظم إلى عددٍ من البلدان الإسلامية طلبًا للعلم ولقاء المشائخ والأخذ عنهم مباشرةً.
١ - سَمِعَ وَأُجِيزَ فِي صِبَاهُ وذلك بواسطة والده من الحافظ أبي الحجاج يوسف بن خليل (ت: ٦٤٨ هـ) (^١)، وذلك في شعبان سنة: (٦٤٧ هـ) (^٢)، قال الذهبي (ت: ٧٤٨ هـ): «وله إجازة من المحدِّث يوسف بن خليل» (^٣)، وقال ابن الوردي (ت: ٧٤٩ هـ): «وقرأ التعجيز على مُصَنِّفِهِ بالموصل» (^٤)، وذكر الدكتور الأهدل (ت: ١٤٣٦ هـ) أنه كانت له
رحلة إلى حلب ثم إلى الموصل مع والده وهو صبيٌّ، ونفى هذه الرحلة محقق عقود الجمان في تجويد القرآن (^٥).
٢ - الرحلة إلى بغداد
ولم يُعرف وقت هذه الرحلة ومغادرته مسقط رأسه تحديدًا، ولا سبب الرحلة، وإنما كانت بعد سنة: (٦٦٠ هـ) (^٦)، واشتغل الناظم بالتلقي عن علماءها، وأخذ علم القراءات بالسبع وبالعشر عن كبار المقرئين، والتحق بالمدرسة النظامية (^٧)، وأخذ الفقه عن أبي العز محمد بن عبد الله البصري الشافعي (^٨) المدرِّس بالمدرسة النظامية (^٩)، وحضر الدروس بالمدرسة المستنصرية (^١٠).
وحفظ كتاب "التيسير في القراءات" (^١١)، وحفظ "غاية الاختصار في الفقه" (^١٢)، وكتاب "التعجيز في مختصر الوجيز" (^١٣)، وَعَرَضَهُ حِفْظًا على مؤلفه (^١٤) تاج الدين ابن يونس الموصلي الشافعي (ت: ٦٧١ هـ) (^١٥).
_________
(^١) انظر: الوافي بالوفيات: ١/ ٤٩، والدرر الكامنة: ١/ ٥٠.
(^٢) انظر: المشيخة الشامية: ٢٦، ومرآة الجنان: ٣/ ٢١٥، وذيول العبر: ٤/ ٩٤، والبداية والنهاية: ١٤/ ١٧٤.
(^٣) انظر: المعجم المختص بـ (المحدثين): ٦١.
(^٤) انظر: تاريخ ابن الوردي: ٢/ ٢٩٠.
(^٥) انظر: مقدمة المحقق د: حسين محمد مقبولي الأهدل لكتاب رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار للناظم: ٣٤، ٣٨، شرح عقود الجمان: ١/ ٥٧.
(^٦) انظر: الدرر الكامنة: ١/ ٥٠.
(^٧) وهي المدرسة التي بناها نظام الملك الحسن بن علي، وزير عضد الدولة، شرع في بنائها سنة: ٤٥٧ هـ، ونُقِضَ لأجلها دور كثيرة، من مشرعة الزوايا، وباب البصرة. انظر: البداية والنهاية: ١٢/ ١٠٠.
(^٨) هو: محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن جعفر، العلامة القاضي، عز الدين البصري الشافعي، نائب الحكم ببغدادـ ومدرس النظامية، كان متبحرًا في العلم، صاحب تصانيف، ولد سنة: (٦٠٦ هـ)، وتوفي سنة: ٦٧٢ هـ. انظر: تاريخ الإسلام: ١٥/ ٢٤٩.
(^٩) برنامج الوادي آشي: ٥١.
(^١٠) وهي المدرسة التي بناها الخليفة العباسي المستنصر بالله (ت: ٦٤٠ هـ)، وَوُقِفَتْ على المذاهب الأربعة، شرع في بنائها سنة توليه الخلافة: (٦٢٣ هـ)، وكمل بناؤها سنة: (٦٣١ هـ). انظر: البداية والنهاية: ١٣/ ١٦١.
(^١١) التيسير في القراءات السبع للإمام أبي عمرو الداني (ت: ٤٤٤ هـ)، طُبِعَ أخيرًا بدراسة وتحقيق: د. خلف بن حمود الشغدلي، دار الأندلس، حائل، (١٤٣٦ هـ-٢٠١٥ م).
(^١٢) طُبِعَ باسم: متن الغاية والتقريب في الفقه الشافعي، للقاضي أبي شجاع أحمد بن الحسين بن أحمد الأصفهاني (ت: ٥٩٣ هـ)، ومن أشهر شروحه: فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب، أو القول المختار في شرح غاية الاختصار لأبي عبد الله محمد بن قاسم الغِزِّي المعروف بـ (ابن الغَرَابِيلِيِّ) (ت: ٩١٨ هـ)، ومن أشهر من نظمه: العلامة الشيخ شرف الدين يحيى بن موسى بن رمضان الشهير بـ (العمريطي) (ت بعد: ٩٨٨ هـ).
(^١٣) في الفروع الشافعية، مختصرٌ مشهورٌ، وهو مختصرٌ لكتاب (الوجيز) للإمام الغزالي (ت: ٥٠٥ هـ)، مخطوط بدار الكتب المصرية برقم: (٣٧٤، ٤٠٩، ٩١٦) وله شروحٌ كثيرةٌ، منها: شرح الناظم. انظر: كشف الظنون: ١/ ٤١٧ - ٤١٨، وفهرس دار الكتب المصرية: ١/ ٥٤٦.
(^١٤) ذيول العبر: ٤/ ٩٤، الدرر الكامنة: ١/ ٥٠.
(^١٥) هو: الإمام عبد الرحيم بن محمد بن محمد بن يونس، الفقيه المحقق العلامة، المعروف بـ «تاج الدين ابن يونس»، ولد بالموصل سنة: (٥٩٨ هـ)، كان من بيت العلم والفقه بالموصل، واشتغل وأفاد وصنَّفَ كتبًا كثيرةً. (ت: ٦٧١ هـ). انظر: الوافي بالوفيات: ١٨/ ٢٣٨، وطبقات الشافعية الكبرى، للسبكي: ٨/ ١٩١.
1 / 9
قال الناظم: «وقرأته عليه عرضًا وبحثًا، و(النبيه) (^١)، و(نهاية النفاسة)، و(الدوحة)، و(مقدمة في الجدل)، و(مختصر المحصول) (^٢)، و(إرشاد الحربي)، و(درة العزايمي)، وشَرَحَ (الوجيز) و(التعجيز)، و(إرشاد العميدي)، وكان الشَّاِرمْسِاحِي (^٣) أورد على تعجيزه مآخذ، فأجبت عنها (^٤)، فلمَّا ورد بغداد طلبني بالجزء، ولما حضرت مجلسه بدار الحديث المستنصرية، قرأ الجزء، فرأى موضعًا قد أَوْرَدَهُ على نفسه، وأجاب عنه في تطريزه، فعجب ومن حضر من هذه المُوًارَدَةِ، وَقَرَّبَنِي منه وأجاز لي إجازة مالك للشافعي» (^٥).
وعنه أخذ الفقه، قال الإمام الذهبي (ت: ٧٤٨ هـ) في ترجمة ابن يونس الموصلي (ت: ٦٧١ هـ): «وممن أخذ عنه الفقه شيخنا البرهان الجعبري» (^٦).
وقال ابن قاضي شهبة (ت: ٨٥١ هـ): «وسمع ببغداد من جماعة، وسمع التعجيز، وعرضه على مُصَنِّفِهِ، وأخذ عنه الفقه» (^٧).
وجمع وحصَّل، وَعُدَّ من علمائها، واطلع على كتبهم، ثُمَّ إِنَّ الناظم ابتدأ التأليف في علم القراءات، فألَّف كتابه «نزهة البررة في مذاهب القراء العشرة وكتابه «عقود الجمان، في تجويد القرآن» (^٨)، وعَرَضَهُمَا على شيخه منتجب الدين التكريتي (ت: ٦٨٨ هـ) (^٩)، وهو الذي تَخَرَّجَ عليه في القراءات وسمع منه، وقرأ عليه بعض الكتب، وحثَّه على التحصيل، قال الناظم: «فلما رأى نجابتي حثني على تحصيل الفقه» (^١٠).
وبعد انتهائه من «نزهة البررة في مذاهب القراء العشرة» نَظَمَ «روضة الطرائف في رسم المصاحف»، وبيَّن سبب نظمها بقوله:
وَحَيْثُ تَمَّ نِظَامُ الْعَشْرِ وَافْتَقَرَ الرْ … رَاوِي إِلَى الرَّسْمِ تَفْصِيلًا لِيَكْتَمِلَا
وبيَّن مكان نظمها بقوله:
بَدِيعِةُ الْحُسْنِ بَغْدَاذِيَّةٌ جَمَعَتْ … نَفَائِسًا نَفَسَتْ مِنْ حُلْيِها عُطُلَا
وفي بغداد أيضًا نظم «المرصاد الفارق بين الظاء والضاد»، وذلك سنة: (٦٨٠ هـ) تقريبًا، وقد ذكر هذا في شرح هذا النظم الذي سمَّاه: «الإرصاد في شرح المرصاد الفارق بين الظاء والضاد» (^١١).
_________
(^١) النبيه في مختصر التنبيه، والتنبيه: كتابٌ في الفقه لأبي إسحاق الشيرازي (ت: ٤٧٦ هـ) على مذهب الإمام الشافعي، وهو مطبوع. انظر: كشف الظنون: ١/ ٤٨٩ - ٤٩٢.
(^٢) المحصول في أصول الفقه، للإمام الرازي (ت: ٦٠٦ هـ)، وهو مطبوع.
(^٣) هو: أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن عمر، المصري الأصل، الشارمساحي المولد، الإسكندري المنشأ، كان إمامًا فقيهًا في مذهب الإمام مالك، رحل إلى بغداد سنة: ٦٣٣ هـ، وتلقاه الخليفة المستنصر بالله (ت: ٦٤٠ هـ) بالترحيب، وولي تدريس المدرسة المستنصرية، له كتاب: نظم الدرر في اختصار المدونة، وغيره من التآليف، ولد سنة: (٥٨٩ هـ)، وتوفي سنة: (٦٦٩ هـ). انظر: عوالي مشيخة الجعبري: ١٢، برنامج الوادي آشي: ٥١، والديباج: ١/ ٤٤٨، وشجرة النور: ١/ ٢٦٨، وشَارِمْسَاح: بشين معجمة بعدها ألف وراء مهملة وميم ساكنة وسين مهملة وألف وحاء مهملة، وهي إحدى قرى الدقهلية، تقع على الضفة الغربية لفرع دمياط. معجم البلدان: ٣/ ٣٤٩، ومراصد الاطلاع: ٢/ ٧٧٣، والقاموس الجغرافي للبلاد المصرية: ٢/ ٢٤٣.
(^٤) سَمَّى هذا الكتاب في الهبات الهنيات: ٢٥: «الإبريز في توجيه المآخذ الشارمساحية والتاجية على كتاب التعجيز»، وهو مفقود.
(^٥) انظر: عوالي مشيخة الجعبري: ١٥، وحكى الناظم هذه الإجازة في كتابه: مواهب الوفي في مناقب الشافعي: ٩٣.
(^٦) انظر: تاريخ الإسلام: ١٥/ ٢٢٧.
(^٧) انظر: طبقات الشافعية، لابن قاضي شهبة: ٢/ ٣١٩.
(^٨) حَقَّقَه د. محمد ايت عمران في رسالة دكتوراه بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، عام: ١٤٣٩ هـ، وطبعته دار عالم الثقافة.
(^٩) هو: أبو عبد الله الحسين بن الحسن المنتجب التكريتي المقرئ، إمام حافظ مقرئ، قرأ على: الشيخ جمال الدين إسماعيل بن كدي وغيره، وقرأ عليه: الناظم (ت: ٦٨٨ هـ). انظر: معرفة القراء: ٧٧٢، غاية النهاية: ١/ ٣٦٨.
(^١٠) انظر: عوالي مشيخة الجعبري: ١٤.
(^١١) انظر: الإرصاد في شرح المرصاد الفارق بين الظاء والضاد: ٤٣.
1 / 10
٣ - الرحلة إلى دمشق
ولا يُعْرَفُ أيضًا تاريخ مغادرته بغداد تحديدًا، وإنما كانت بعد سنة: (٦٨٠ هـ)، قلت هذا اعتمادًا على قول تلميذه الحافظ الذهبي (ت: ٧٤٨ هـ): «وقدومه إلى الشام سنة نَيِّفٍ وثمانين» (^١)، وذلك بعد وفاة شيخه تاج الدين ابن يونس (ت: ٦٧١ هـ)، فَنَزَلَ بِالسُّمَيْسَاطِيَّة (^٢)، وَأَعَادَ بِالغَزَّالِيَّةِ (^٣)، وسكن بها مدَّةً (^٤)، وسمع من كبار الحفاظ، وباحَثَ وناظَرَ، واستفاد منه الطلبة.
٤ - الرحلة الثالثة والأخيرة إلى الخليل في فلسطين
ولا يُعرف أيضًا تاريخ هذه الرحلة وإنما كانت قبل سنة: (٦٨٨ هـ) (^٥)، وعاش فيها أكثر من أربعين عامًا (^٦)، ورحل الناس إليه (^٧)، وصنَّف التصانيف، واشتهر ذكره، وبَعُدَ صيته (^٨)، وصار مقصدًا لطلاب العلم الذين رحلوا للسَّمَاع منه والقراءة عليه (^٩)، وَتَقَلَّدَ فيها مشيخة الحرم الإبراهيمي، وتولى بها الإفتاء والقضاء والخطابة والتدريس (^١٠)، بعد الشيخ بديع الدين علي بن محمد بن علي بن بركات الأنصاري المصري (ت: ٦٨٦ هـ) (^١١)، وأدرك أحفاده، وأجاز بعضهم، وما زالت هذه الأسرة في الخليل إلى اليوم.
_________
(^١) انظر: معرفة القراء: ٧٩٧.
(^٢) انظر: الوافي بالوفيات: ٦/ ٤٩، والسُّمَيْسَاطِيَّة: نسبةً إلى (سُمَيْسَاط) بضم أوله، وفتح ثانيه، وياء مثناة من تحت ساكنة، وسين أخرى، ثم بعد الألف طاءٌ مهملةٌ: مدينةٌ على شاطئ الفرات في طرف الروم، غربي الفرات. انظر: معجم البلدان: ٣/ ٢٩٣، ومراصد الاطلاع: ٢/ ٧٤١، ومنادمة الأطلال: ١٣٤.
(^٣) انظر: معرفة القراء: ٧٩٨، والغَزَّالِيَّة: زاوية بالجامع الأموي في الجهة الشمالية الغربية شمالي مشهد عثمان، وهي الآن مشهد من مشاهد الجامع، وأول من درَّس بها الشيخ: نصر المقدسي (ت: ٤٩٠ هـ). انظر: منادمة الأطلال: ٢٧٦، خطط الشام: ٦/ ٨٧، ١٤٣.
(^٤) انظر: الدرر الكامنة: ١/ ٥٠.
(^٥) انظر: مقدمة المحقق د: حسين محمد مقبولي الأهدل لكتاب رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار للناظم: ٣٩ - ٤٠، والجعبري ومنهجه في كنز المعاني: ١/ ٦٦.
(^٦) انظر: تاريخ ابن الوردي: ٢/ ٢٩٠، والوافي بالوفيات: ١/ ٤٩.
(^٧) انظر: طبقات الشافعية، لابن قاضي شهبة: ٢/ ٣١٩.
(^٨) انظر: معرفة القراء: ٧٩٧، والوافي بالوفيات: ٦/ ٤٩.
(^٩) انظر: ذيول العبر: ٤/ ٩٤، ومرآة الجنان: ٣/ ٢١٥، والأنس الجليل: ٢/ ٢٥١.
(^١٠) انظر: برنامج الوادي آشي: ٥١.
(^١١) هو: الشيخ بديع الدين علي بن محمد بن علي بن بركات الأنصاري المصري، شيخ الإقراء بالخليل، مقرئٌ مُصَدَّرٌ، قرأ على الكمال الضرير العباسي، وروى بالإجازة عن ابن رَوَاج، وابن الجُمَّيْزي، أخذ عنه: محمد بن عمر بن محمد بن رشيد، عاش: ٤٨ سنة، وتوفي سنة: (٦٨٦ هـ). انظر: تاريخ الإسلام: ١٥/ ٥٧٦، وغاية النهاية: ٢/ ٨٢٨.
1 / 11
وذكر الدكتور الأهدل (ت: ١٤٣٦ هـ) في مقدمة تحقيقه (^١) لكتاب رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار للناظم، أنَّ الناظم رحل إلى المدينة عام: (٦٨٨ هـ)، وهذا لا يَصِحُّ، وقد أحال ﵀ إلى نسخة مخطوطة للناظم لكتابه (خلاصة الأبحاث في شرح نهج القراءات الثلاث) (^٢)، والصواب أَنَّ في آخرها ما نصه: «وهذا آخر ما يسر الله تعالى من إملاء شرح النهج، كمل بمدينة أبي الأنبياء إبراهيم الخليل على نبينا محمد وعليه أفضل الصلاة والسلام، وذلك في شعبان المبارك، سنة ثمان وثمانين وستمائة». انتهى.
إذن، وبعد الرجوع إلى المخطوط تبين أنه كتب بالخليل وليس بالمدينة المنورة، كما ذكر ﵀ وجميع موتى المسلمين.
ولا يبعد أَنّ الناظم قد زار المدينة المنورة وحج بيت الله الحرام، ولكنَّ أحدًا لم يذكر ذلك، وخاصةً أَنَّ له مؤلفًا في (مناسك الحج) (^٣)، وله مؤلفًا آخر سمَّاه (محرك الغرام الساكن إلى أشرف المساكن) (^٤)، واستنتج اليزيدي (ت: ١٤٢٤ هـ) أنه قدم الخليل قبل سفره للمدينة بسنة أو قبل السنة (^٥). والله أعلم.
وذكر الدكتور الأهدل (ت: ١٤٣٦ هـ) أيضًا في مقدمة تحقيقه (^٦) لكتاب رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار للناظم، أنه رحل إلى مصر، وذلك أنه قرأ في مقدمة كتاب (الجميلة شرح العقيلة) قول الإمام السخاوي (^٧) - الشارح -: «ومما رأيت أنا من ذلك على قبر ابن عبادة (^٨) بمصر ﵀:
يَا مَاشِيًا بِالقُبُورِ زَهْوًا … لَمْ تَنتَبِهْ لِلْمنُونِ رِيحُ
عَرِّجْ قَلِيلًا عَلَى غَرِيبٍ … قَدْ ضَمَّهُ مُفْرَدًا ضَرِيحُ
بَيْتٌ تَسَاوَى الْأَنَامُ فِيهِ … الْعَبْدُ وَالسَّيِّدُ الصَّرِيحُ
وَقِفْ عَلَيْهِ وَجُدْ بِرُحْمَى … لَعَلَّهُ فِيهِ يَسْتَرِيحُ
وهذه الرحلة لا تصحُّ -كذلك - والرَّدُّ على هذه والتي قبلها بوجهين:
_________
(^١) انظر: مقدمة المحقق د: حسين محمد مقبولي الأهدل لكتاب رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار للناظم: ٤٠ - ٤١.
(^٢) في المكتبة الأزهرية برقم: (١٤٠١) قراءات ضمن مجموع (١٦٨ - ٢١٨)، ومنها نسخة مصورة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة (مكرو فيلم ٤٣٣)، وقد حُقِّقَ ثلاث مرات: الأولى: تحقيق الطالب: قارئ محمد إبراهيم بن حافظ محمد عبد الله الباكستاني، رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية، (١٤٠٨ هـ-١٩٨٨ م). والثانية: بتحقيق السيد عبد الوهاب رزق الطويل، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، (١٩٩٠ م)، والثالثة: بتحقيق: أبو عاصم المراغي إبراهيم بن نجم الدين بن محمود أحمد، وطبعته دار الفاروق الحديثة للطباعة والنشر، القاهرة، (١٤٢٧ هـ-٢٠٠٦ م)، استفدتها باختصار من كتاب: الإمام برهان الدين الجعبري حياته وآثاره، م. عيسى خيري الجعبري: ٣٣ - ٣٤.
(^٣) انظر: الأنس الجليل: ٢/ ٢٥١، وكشف الظنون: ٢/ ١٨٣١.
(^٤) انظر: الهبات الهنيات، تحقيق: د. ظمياء السامرائي: ٤٤.
(^٥) انظر: الجعبري ومنهجه في كنز المعاني، لليزيدي: ١/ ٦٦.
(^٦) انظر: مقدمة المحقق د: حسين محمد مقبولي الأهدل لكتاب رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار للناظم: ٤١.
(^٧) هو: علم الدين علي بن محمد الهمداني السخاوي الدمشقي، شيخ الإقراء بدمشق، إمام كامل ومقرئ محقق ونحوي علامة، قرأ على أبي القاسم الشاطبي وغيره، وقرأ عليه أبو شامة المقدسي وغيره، (ت: ٦٤٣ هـ). انظر: معرفة القراء: ٦٨٥، وغاية النهاية: ٢/ ٨٢٣.
(^٨) لم أجد له ترجمةً فيما توافر لديَّ من مصادر.
1 / 12
الأول: أنه لا يوجد أحد ممن ترجم للناظم ذكر هاتين الرحلتين له، سواءٌ ممن عاصره في حياته من تلاميذه، أو ممن ترجم له بعد وفاته.
غير أني وَجَدتُّ تقي الدين المقريزي (ت: ٨٤٥ هـ) قال في ترجمته للناظم: «…، وقدم إلى دمشق فنزل بِالسُّمْسِيَاطِيَّة، وأعاد بالغَزَّالِيَّة، وباحث وناظر، وقدم إلى القاهرة ثم عاد إلى دمشق، …» (^١). والعلم عند الله تعالى.
الثاني - وهو خاصٌّ بالرحلة الثانية -: ظنَّ - الدكتور الأهدل (ت: ١٤٣٦ هـ) ﵀ أَنَّ هذه الأبيات من قول الناظم (^٢)، وإنما هي من قول الإمام السخاوي - الشارح-.
وبقي أن أذكر أَنَّهُ في سنة: (٦٩٠ هـ) وُلِدَ ابنه محمد بن إبراهيم في بلد الخليل (^٣)، وأخذ المشيخة بعد وفاة والده.
_________
(^١) المقفى الكبير: ١/ ٢٤٢ - ٢٤٣.
(^٢) ذكر الناظم هذه الأبيات في شرحه: جميلة أرباب المراصد، وزاد عليها ثلاثة أبيات، وهي:
وَهَيِّئِ الزَّادَ وَاغْتَنِمْهُ … وَأَنتَ فِي ظَهْرِهَا صَحِيحُ
فَعَنْ قَلِيلٍ تُرَى وَحِيدًا … يَحْوِيكَ فِي بَطْنِهَا الصَّفِيحُ
رَهِينُ مَا قَدْ جَنَيْتَ فَادْأَبْ … فِي فِعْلِكَ الْخَيْرَ يَا طَرِيحُ
انظر: جميلة أرباب المراصد: ٨٧، والجعبري ومهجه في كنز المعاني، لليزيدي: ١/ ٦٦، وشرح عقود الجمان: ١/ ٩٦.
(^٣) هو: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عمر الجعبري، ولد سنة: (٦٩٠ هـ)، وَعُمْرُ أبيه: ٥٠ سنةً، شيخ الخليل بعد وفاة والده، تلا على والده وسمع من الحديث، واستجاز له والده جمعًا، وولي مشيخة الخليل بعد والده، زوجه والده، وأنجب أولادًا، أجاز بعضهم الناظم، وانتشر فيهم العلم، ومن ذريته انتشرت أسرة الجعبري في الخليل إلى يومنا هذا، توفي سنة: ٧٤٩ هـ. انظر: الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل: ٢/ ٢٥٢ - ٢٥٣، والإمام برهان الدين الجعبري حياته وآثاره، م. عيسى خيري الجعبري: ١٧.
1 / 13
المبحث الثالث: شيوخه، وتلاميذه
شيوخُه:
أخذ الناظم على عدد كبير من علماء عصره، بلغوا المائتين، كما ذكر ذلك في عوالي مشيخته، حيث قال: «والشيوخ الذين رويت عنهم العلوم الشريفة مائتا شيخ من شيوخ الآفاق من المشرق والمغرب، وهذه أسماء شيوخي العوالي سندًا أو علمًا، الذين رويت عنهم قراءةً عليهم، أو سماعًا منهم أو إجازة» (^١)، وذكر منهم في هذه المشيخة واحدًا وعشرين شيخًا.
وقد أخذ الناظم عن بعضهم في بلده الذي نشأ فيه (قلعة جعبر)، وهؤلاء ذكرتهم في مبحث (نشأته).
وسأذكر أبرز العلماء الذين أخذ عنهم علم القراءات سواء في العشر أو السبع في أثناء رحلته الأولى إلى: بغداد، أو رحلته الثانية إلى: دمشق مقتصرًا عليهم (^٢)، وقد قمت بترتيبهم حسب وفياتهم، فأقول مستعينًا بالله تعالى:
١ - له إجازة بالقراءات العشر من الروايتين إجازةً لا تلاوةً (^٣)، عن الشريف الداعي شمس الدين أبي البدر محمد بن عمر بن القاسم العباسي الرشيدي الواسطي (ت: ٦٦٨ هـ) (^٤). قال الإمام الذهبي (ت: ٧٤٨ هـ) في ترجمته: «وَحَمَلَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ القراءات، …، وبالإجازة شيخنا البرهان الجعبري» (^٥).
٢ - قرأ القراءات السبع، سنة: (٦٧٠ هـ) على شمس الدين أبي الحسن على بن عثمان بن محمود بن عبد الغفار الوجوهي الحنبلي البغدادي (ت: ٦٧٢ هـ) (^٦)، قال الناظم في عوالي مشيخته: «قرأت عليه [تجويد]-والصواب [تجريد] (^٧) - ابن الفحام (^٨) بسنده إليه، وسمعنا عليه الوقف والابتداء لابن عباد (^٩)» (^١٠). وعليه تَخَرَّجَ في القراءات.
_________
(^١) انظر: عوالي مشيخة الجعبري: ١١.
(^٢) خَرَّجَ له تلميذه علم الدين البرزالي (ت: ٧٣٩ هـ) المشيخة الشامية، وطبعت بتحقيق: أحمد عبد الستار، في مطبعة دار الكتب والوثائق القومية، مركز تحقيق التراث، (١٤٣٦ هـ-٢٠١٥ م).
(^٣) انظر: خلاصة الأبحاث في شرح نهج القراءات الثلاث، لبرهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري: ٦٢. وقرأ عليه قراءة يعقوب برواية روح من طريق الزُّبيْرِي، وهي من طرق الطيبة. وانظر: النشر: ٢/ ١٥٨.
(^٤) هو: محمد بن عمر بن أبي القاسم، العباسي الرشيدي الشريف، من ذرية الخليفة هارون الرشيد، المعروف بابن الداعي، شيخ القراء بالعراق، قرأ على: أبي بكر بن الباقلاني وغيره، وعليه: عبد الله بن مظفر اليعقوبي وغيره، (ت: ٦٦٨ هـ).
(^٥) انظر: تاريخ الإسلام: ١٥/ ١٦٠، ومعرفة القراء: ٧١٤ - ٧١٥، والمعجم المختص بـ (المحدثين): ٦١.
(^٦) هو: شمس الدين علي بن عثمان بن محمود أبو الحسن البغدادي الوجوهي، شيخٌ، مقرئٌ، ماهرٌ، حاذقٌ، محققٌ، مجودٌ، قرأ على الفخر الموصلي، قرأ عليه الناظم بالسبع، ولم يكتب له إجازةً بذلك. انظر: معرفة القراء: ٧٣٤ - ٧٣٥، وغاية النهاية: ٢/ ٨٠٨.
(^٧) وهو من المصادر التي اعتمد عليها ابن الجزري (ت: ٨٣٣ هـ) في كتابه النشر. انظر: النشر: ١/ ٢٢٢ - ٢٢٣. وقد طبع كتاب التجريد لبغية المريد في القراءات السبع، بتحقيق: د. ضاري إبراهيم العاصي الدوري، دار عمار بالأردن، سنة: (١٤٢٢ هـ-٢٠٠٢ م)، وقبل ذلك قام بتحقيقه في رسالة ماجستير، الطالب: مسعود أحمد سيِّد محمد إلياس، في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، سنة: (١٤٠٨ هـ).
(^٨) هو: عبد الرحمن بن عتيق بن خلف بن أبي سعيد، أبو القاسم القرشي الصقلي المقرئ، المعروف بابن الفحام، العلامة الأستاذ الثقة المحقق، قرأ على إبراهيم بن إسماعيل المالكي ونصر بن عبد العزيز الفارسي وغيرهما، وقرأ عليه: أبو العباس أحمد بن الحطية وأبو طاهر أحمد بن محمد السلفي وغيرهما، (ت: ٥١٦ هـ). انظر: معرفة القراء: ٥٠٦ - ٥٠٧، وغاية النهاية: ٢/ ٥٦٣، والكتاب مفقود.
(^٩) هو: أبو عبد الله محمد بن محمد بن عباد البغدادي العراقيُّ، مقرئٌ نحويٌّ فاضلٌ، قرأ على أبي سعيد السِّيرافي، جمع كتابه في (الوقف والابتداء)، وسمعه منه: أحمد بن الفرج بن منصور بن محمد بن الحجاج بن هارون. (ت: ٣٣٤ هـ). انظر: إنباه الرواة: ٣/ ٢١٢، وبغية الوعاة: ١/ ٢٢٤.
(^١٠) انظر: عوالي مشيخة الجعبري: ١٣.
1 / 14
٣ - قرأ الشاطبية (^١) ببغداد على شيخ القراء، مجد الدين أبي أحمد عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر بن أبي الجيش البغدادي الحنبلي، الإمام المقرئ المجود الزاهد (ت: ٦٧٦ هـ) (^٢).
٤ - له إجازة بالشاطبية (^٣) من العلامة عبد الله بن إبراهيم بن محمود بن رَفِيعَا الجزريُّ الموصليُّ (ت: ٦٧٩ هـ) (^٤).
٥ - قرأ القراءات، وأخذ علم العدد (^٥) عن شيخه يوسف بن جامع البغدادي (ت: ٦٨٢ هـ) (^٦)، قال الناظم عنه في عوالي مشيخته: «الشيخ جمال الدين يوسف الحنبليُّ القُفْصِيُّ (^٧)، جَمَّاعَةً لعلوم القراءات، قرأت عليه (المصباح) (^٨)، ورواه، و(التذكرة) (^٩)، و(وَقْفَ ابن الأنباريِّ) (^١٠)، و(اللباب) (^١١) عن مؤلِّفِهِ أبي البقاءِ النَّحويِّ العكبريِّ …» (^١٢).
_________
(^١) سنده بالشاطبية إلى ناظمها ذكره في كنز المعاني: ٨٥ - ٨٦، بتحقيق الطالب: يوسف محمد شفيع إبراهيم، رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، ١٤٢٠ هـ. وانظر: خلاصة الأبحاث في شرح نهج القاءات الثلاث، للناظم: ٦٦، الفاروق الحديثة، القاهرة، (١٤٢٧ هـ-٢٠٠٦ م)، دراسة وتحقيق: أبو عاصم المراغي إبراهيم بن نجم الدين بن محمود أحمد.
(^٢) هو: عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر بن أبي الجيش البغدادي الحنبلي، شيخ القراء، إمام، عارف، أستاذ، محقق، قرأ على الفخر محمد بن أبي الفرج الموصلي، وعبد العزيز بن الناقد، وعبد العزيز بن دلف، قرأ عليه الشيخ إبراهيم الرقي الزاهد، وأبو بكر الجزري المقصاتي، ومحمد بن خروف الموصلي (ت: ٦٧٦ هـ). انظر: معرفة القراء: ٧٢٥ - ٧٢٦، وغاية النهاية: ٢/ ٥٨٢ - ٥٨٣.
(^٣) غاية النهاية: ١/ ٤٥.
(^٤) هو: الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن محمود بن رفيعا، الجزريُّ الموصليُّ، شيخ القراء، أستاذٌ ماهرٌ، قرأ السبع على علي بن مفلح البغدادي، وأخذ الحروف عن ابن الحاجب، وحَدَّثَ عنه بالإجازة الناظم، (ت: ٦٧٩ هـ). انظر: معرفة القراء: ٧٧٦، وغاية النهاية: ٢/ ٦٠٢.
(^٥) انظر: حسن المدد في معرفة العدد، للناظم: ٢٢٧، تحقيق: شيخي د. بشير بن حسن الحميري، طباعة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة المنورة، ١٤٣١ هـ،
(^٦) هو: الإمام أبو إسحاق يوسف بن جامع بن أبي البركات، القُفْصِيُّ البغداديُّ المقرئ الضرير، أستاذٌ، كبيرٌ مؤلفٌ، محققٌ، عالمٌ، قرأ على: أبو عبد الله محمد بن سالم وغيره، وعليه: إبراهيم الرقي وغيره، (ت: ٦٨٢ هـ). انظر: معرفة القراء: ٧٤٦ - ٧٤٨، وغاية النهاية: ٣/ ١٤٠٠.
(^٧) القُفْص: بالضمِّ ثم السكون، وآخره صاد مهملة، موضع قريب من بغداد، وكانت من مواطن اللهو، ومجالس الفرح. معجم البلدان: ٤/ ٤٣٣ - ٤٣٤.
(^٨) هو كتاب: «المصباح الزاهر في القراءات العشر البواهر»، لأبي الكرم الشَّهْرَزُورِي (ت: ٥٥٠ هـ)، والكتاب مطبوع.
(^٩) هو كتاب: «التذكرة في القراءات الثمان»، لابن غلبون (ت: ٣٩٩ هـ)، والكتاب مطبوع.
(^١٠) هو كتاب: «إيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله ﷿»، لابن الأنباري (ت: ٣٢٨ هـ)، تحقيق: محيي الدين عبد الرحمن رمضان، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، (١٣٩٠ هـ-١٩٧١ م).
(^١١) هو كتاب: «اللباب في علل البناء والإعراب» لأبي البقاء العكبري (ت: ٦١٦ هـ)، والكتاب مطبوع.
(^١٢) انظر: عوالي مشيخة الجعبري: ١٣.
1 / 15
٦ - قرأ القراءات العشر (^١) على وحيد عصره في علم القراءات منتجب الدين أبي علي الحسين بن الحسن بن أبي السعادات التكريتي (ت: ٦٨٨ هـ)، قال الذهبي (ت: ٧٤٨ هـ) في ترجمته: «تلا عليه بالعشر شيخنا برهان الدين الجعبري ببغداد بعد السبعين وستمائة» (^٢)، وقال الناظم في عوالي مشيخته: «وعليه تَخَرَّجْتُ، …، قرأت عليه من حفظي: (درر الأفكار في العشرة) (^٣)، ثم قرأ عليَّ من حفظه: (نزهة البررة) ثم (عقود الجمان)» (^٤).
هؤلاء هم أبرز شيوخ الناظم الذين وقف عليهم، ممن أخذ عنهم علوم القراءات، وقد أخذ العلم والإجازات العلمية عن علماء آخرين غير من ذكرناهم.
تلاميذه:
للناظم كثير من التلاميذ الذين أخذوا عنه وتتلمذوا عليه في كافة أنواع العلوم الشرعية والعربية والقراءات والفقه والحديث، وغيرها.
وكان تلامذته من الطلاب النجباء الذين صاروا أعلامًا بعد ذلك في تخصصاتٍ عِدَّةٍ، فمن أبرز من دَرَسَ على يدي الناظم وأخذ العلم عنه:
١ - أبو محمد علم الدين القاسم بن محمد بن يوسف البِرْزَالِيُّ الإشبيليُّ الدمشقيُّ، أخذ عن الناظم، وقرأ عليه المشيخة البغدادية، عِدَّةَ مرَّاتٍ، وَخَرَّجَ له «المشيخة الشامية» (^٥)، بتكليفٍ منه، قال في مقدمة المشيخة الشامية: «فأحبَّ - نفع الله به - أن يُخَرَّجَ له عن الشِّيوخ الشَّاميِّين (مشيخة) أخرى، ليَكْثُرَ مروياته وشيوخه، …، وَكَتَبَ إِلَىَّ في ذلك» (^٦)، (ت: ٧٣٩ هـ) محرمًا في ذي الحجة، في خليص قرب مكة (^٧).
_________
(^١) انظر: خلاصة الأبحاث في شرح نهج القاءات الثلاث، لبرهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري: ٥٦، ٦١، ٦٥.
(^٢) انظر: معرفة القراء: ٧٧٢.
(^٣) كذا في المطبوع، والصواب: «در الأفكار في قراءة العشرة أئمة الأمصار»، وهي قصيدةٌ لاميَّةٌ كالشاطبية من نظم إسماعيل بن علي بن سعدان الشيخ جمال الدين أبو الفضل بن الكدي الواسطي، قال الإمام ابن الجزري: «أظن توفي في حدود: ٦٩٠ هـ»، اختصر فيها كتاب (إرشاد المبتدئ وتذكرة المنتهي في القراءات العشر) للإمام الحافظ أبي العز محمد بن الحسين بن بندار الواسطي القلانسي (ت: ٥٢١ هـ)، قال الإمام ابن الجزري (ت: ٨٣٣ هـ): «وهي نَظْمٌ جَيِّدٌ». انظر: غاية النهاية: ١/ ٢٥٨، ٣/ ١٠٦٤ - ١٠٦٥، والكتاب مفقود، ذكر ذلك أ. د. عمر حمدان في (إعلام أهل البصائر بما أورده ابن الجزري من الكنوز والذخائر)، مجلة معهد الإمام الشاطبي بجدة، العدد الخامس، جمادى الآخر ١٤٢٩ هـ، (ص: ٤٠٨).
(^٤) انظر: عوالي مشيخة الجعبري: ١٤.
(^٥) انظر: الدرر الكامنة: ١/ ٥٠.
(^٦) انظر: المشيخة الشامية: ٢٥.
(^٧) انظر ترجمته في: برنامج ابن جابر الوادي آشي: ١٠٠، وطبقات الشافعية، لابن قاضي شهبة: ٢/ ٢٦٧.
1 / 16
٢ - شهاب الدين أحمد بن إبراهيم بن صارو، البعليُّ ثم الحمويُّ، تلا بالسبع على الجعبري، (ت: ٧٤٧ هـ) بحماة (^١).
وهو الذي أجازه الناظم بِنَظْمِهِ هذا - روضة الطرائف في رسم المصاحف - وهذا نص الإجازة -كما وجدتها في مقدمة المخطوط: «قرأ عليَّ هذه روضة الطرائف في رسم المصاحف الشيخ العالم العامل الفاضل الأديب الفقيه المقرئ شهاب الدين أحمد بن إبراهيم بن صَالُر البعليُّ، قراءةً جيدةً، وأجزته روايتها بشرطها عند ناظمها. إبراهيم بن عمر بن إبراهيم الجعبري والخليلي حامدًا ومصلِّيًا». وهي النسخة التي رمزت لها بالرمز: (ب) (^٢).
٣ - الحافظ أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت: ٧٤٨ هـ)، قرأ عليه كتابه (نزهة البررة في مذاهب القراء العشرة)، وغيره من الكتب، قال في ترجمة الناظم: «وقرأت عليه نزهة البررة في العشرة، وغير ذلك» (^٣).
٤ - شمس الدين محمد بن جابر بن محمد القيسيُّ الوادي آشيُّ الأندلسيُّ التونسيُّ، سمع من الناظم بالخليل، قال في ترجمته: «حضرت مجلس إقرائه التفسير والفقه الشافعي، ورويت عنه الحديث والقراءات وغيرهما» (^٤)، وأجازه بـ «كنز المعاني»، و«جميلة أرباب المراصد» (^٥)، (ت: ٧٤٩ هـ) في تونس (^٦).
٥ - أبو بكر عبد الله بن أيدغدي بن عبد الله، الشمسيُّ، الشهير بابن الجندي، (ت: ٧٦٩ هـ) (^٧)، قرأ القراءات العشر على الناظم (^٨).
٦ - تقي الدين محمد بن رافع بن هجرس بن محمد بن شافع السَّلَّاميُّ الصُّمَيْدِيُّ الأصل، المصريُّ المولد والنشأة، ثم الدمشقيُّ، (ت: ٧٧٤ هـ) بدمشق (^٩).
٧ - أبو المعالي محمد بن أحمد بن علي ابن اللبان الدمشقيُّ (ت: ٧٧٦ هـ)، قال ابن الجزري (ت: ٨٣٣ هـ): «رحل إلى الخليل سنة: (٧٢٧ هـ)، وقرأ على الجعبريِّ نصف حزبٍ جمعًا للسبعة» (^١٠).
٨ - حسن المعروف بالحسام المصري، قال ابن الجزري: «قرأ بالخليل على الشيخ برهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري، وأخذ عنه شرحه قراءة … وبلغني أنه مات سنة خمس وستين وسبعمائة» (^١١).
_________
(^١) انظر ترجمته في: أعيان العصر وأعوان النصر: ١/ ١٥٨، والوفيات: ٢/ ٣٤، والدرر الكامنة: ١/ ٩٠.
(^٢) وأما كاتب النسخة التي اعتمدتها أصلًا، وهي (نسخة: المكتبة الوطنية الإسرائيلية) فهو: محمد بن موسى بن عمران المقرئ الحنفي، ولد سنة: ٧٩٤ هـ، قرأ على الإمام ابن الجزري بما تضمنَّه «النشر»، و«الطيبة»، وذلك سنة: ٨٢٧ هـ، وتوفي سنة: ٨٧٣ هـ. انظر: الضوء اللامع: ١٠/ ٥٨ - ٥٩. وأما كاتب النسخة (أ) فهو: محمد بن عبد الكريم الخليلي، ولم أجد له ترجمةً فيما توافر لديَّ من مصادر.
(^٣) انظر: معرفة القراء: ٧٩٧، ومعجم المحدثين: ٦١، وانظر ترجمة الإمام الذهبي في: غاية النهاية: ٢/ ٩٨٧، ودرة الحجال: ٢/ ٢٥٦.
(^٤) انظر: برنامجه: ٥١.
(^٥) انظر: المرجع السابق: ١٨٦.
(^٦) انظر: ترجمته في معرفة القراء: ٨١٤، والديباج المذهب: ٢/ ٢٩٩ - ٣٠١، وغاية النهاية: ٢/ ١٠٣٣.
(^٧) انظر: ترجمته في معرفة القراء: ٨٢٢، وغاية النهاية: ١/ ٢٧٧، والدرر الكامنة: ١/ ٤٤١ - ٤٤٢.
(^٨) انظر: غاية النهاية: ١/ ٤٥، ٢٧٧.
(^٩) انظر: غاية النهاية: ٣/ ١٠٧٩ - ١٠٨٠، والدرر الكامنة: ٣/ ٤٣٩ - ٤٤٠.
(^١٠) انظر: غاية النهاية: ٢/ ٩٨٩، والدرر الكامنة: ٣/ ٣٤٠.
(^١١) انظر: غاية النهاية: ١/ ٣٦٢.
1 / 17
المبحث الرابع: مؤلفاته
أولًا: مؤلفاته في علم القراءات:
١ - كنز المعاني في شرح حرز الأماني ووجه التهاني، وهو شرح للمنظومة الشاطبية في القراءات السبع، وقد وصفه الإمام شمس الدين الذهبي (ت: ٧٤٨ هـ)، وهو من تلاميذ الناظم، فقال: «شَرَح الشاطبية في ثلاث مجلدات كبار، فأتى فيه ببدائع ونفائس» (^١)، ووصفه الإمام القسطلاني (ت: ٩١١ هـ) فقال عنه: «شرح عظيم لم يؤلف مثله» (^٢)، وعندما ذكر حاجي خليفة (ت: ١٠٦٧ هـ) شروح منظومة (حرز الأماني ووجه التهاني) - وهي المشهورة بالشاطبية - قال: «وله شروح كثيرة، أحسنها وأدقها شرح الشيخ برهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري، (ت: ٧٣٢ هـ)، وهو شرح، مفيد، مشهور» (^٣). وهذا الشرح مطبوع (^٤)، وقد تم تحقيقه في عدة رسائل دكتوراه وماجستير في جامعة الأزهر (^٥)، وفي الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة (^٦)، وفي جامعة القرويين بالمملكة المغربية (^٧).
_________
(^١) انظر: معرفة القراء: ٧٩٧ - ٧٩٨.
(^٢) انظر: لطائف الإشارات: ١/ ١٦٤.
(^٣) انظر: كشف الظنون: ١/ ٦٤٦.
(^٤) دراسة وتحقيق فرغلي سيد عرباوي. مكتبة أولاد الشيخ للتراث- الجيزة (٢٠١١ م).
(^٥) من أول الكتاب إلى باب فرش الحروف، دراسة وتحقيق الطالب/ صلاح الدين عبد الرحمن سلطان، رسالة ماجستير، جامعة الأزهر- القاهرة (١٩٩٣ م)، ومن أول سورة البقرة إلى آخر فرش سورة الكهف، تحقيق ودراسة لغوية الطالب/ إسماعيل عبد الرحمن أبو طالب أبو هواش، رسالة دكتوراه، جامعة الأزهر- القاهرة (١٩٩٩ م)، ومن أول سورة الصافات إلى آخر الكتاب، دراسة لغوية مع تحقيق النص للطالب/ أحمد عبد المرضي سيد أحمد، رسالة ماجستير، جامعة الأزهر- القاهرة (٢٠٠٠ م)، وحقق في رسالة ماجستير للطالب/ أحمد عبد الرحيم أحمد فراج، جامعة الأزهر- المنصورة (٢٠٠١ م).
(^٦) من أول الكتاب حتى باب الهمزتين من كلمتين، دراسة وتحقيق الطالب/ يوسف محمد شفيع عبد الرحيم، رسالة ماجستير، (١٤٢٠ هـ)، ومن باب حروف قربت مخارجها إلى باب ياءات الزوائد، دراسة وتحقيق الطالب/ عبد الرحيم بن لطف الله العباسي، (١٤٢٩ هـ-١٤٣٠ هـ)، ومن أول فرش سورة مريم إلى نهاية الكتاب، دراسة وتحقيق الطالب/ أحمد بن عبد الله بن درويش سليماني، رسالة دكتوراه، (١٤٣٠ هـ-١٤٣١ هـ)،
(^٧) الجعبري ومنهجه في كنز المعاني مع تحقيق نموذج من الكنز (من أول الكتاب إلى نهاية باب ذكر لام هل وبل)، رسالة دكتوراه، د. أحمد اليزيدي (ت: ١٤٢٤ هـ)، (١٤١٩ هـ-١٩٩٨ م)، طباعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المملكة المغربية.
1 / 18
٢ - نزهة البررة في مذاهب القراء العشرة (^١).
٣ - خلاصة الأبحاث في شرح نهج القراءات الثلاث، وهو شرح لمنظومة اسمها (نهج الدماثة في قراءات الثلاثة (^٢)، وقد تم تحقيق هذا الكتاب ثلاث مرات:
أ - تحقيق الباحث/ قارئ محمد إبراهيم بن حافظ محمد عبد الله الباكستاني، في رسالة ماجستير من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، شعبة التفسير، سنة: (١٤٠٨ هـ-١٩٨٨ م).
ب - تحقيق الباحث/ عبد الفتاح أبو سنة، في رسالته للماجستير في جامعة الأزهر، وذلك سنة: (١٩٩٠ م).
ت - تحقيق الباحث/ أبو عاصم المراغي إبراهيم بن نجم الدين بن محمود أحمد، وصدرت الطبعة الأولى عن دار الفاروق للنشر والتوزيع في القاهرة، وذلك سنة: (١٤٢٧ هـ-٢٠٠٦ م).
٤ - تذهيب الأمنية في تهذيب الشاطبية (^٣).
٥ - أحكام الهمزة لهشام وحمزة (^٤)، وقد ألف الناظم هذ النظم قبل أن يؤلف كتابه (كنز المعاني في شرح حرز الأماني ووجه التهاني)، فقال في كتابه كنز المعاني: «وقد نظمت فيه قصيدًا، سميته أحكام الهمزة لهشام وحمزة» (^٥).
٦ - إسناد قراءتي بمذهب الأئمة العشرة (^٦).
_________
(^١) حققها وشرحها الشيخ/ عبد الرزاق بن محمد إسحاق، رسالة دكتوراه، في قسم القراءات بكلية القرآن بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، (١٤٣٣ هـ-٢٠١٢ م).
(^٢) انظر: الهبات الهنيات: ١٨، وبرنامج ابن جابر الوادي آشي: ٥١، وكشف الظنون: ٢/ ١٩٩٢.
(^٣) قام الباحث الشيخ/ محمد يسري زكي عبد الحليم، بدراسة وتحقيق وشرح المنظومة للحصول على درجة العالمية (الماجستير) في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، كلية القرآن الكريم، قسم القراءات.
(^٤) انظر: الهبات الهنيات: ١٨، وكشف الظنون: ١/ ٢١، وهناك مخطوط بعنوان/ شرح باب وقف حمزة وهشام على الهمز من القصيدة الشاطبية، الخزانة الحسنية، الرباط برقم: (١٢٢٤٣)، ومخطوط آخر بعنوان/ وقف حمزة وهشام، في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، برقم: (١٨١٢ - فك)، ورقم: (١١٠٩٦ - ١٠).
(^٥) طبعت ضمن «ثلاث رسائل للإماذم الجعبري تطبع لأول مرة»، بتحقيق/ جمال بن السيد رفاعي الشَّايب، مكتبة السنة-القاهرة، ١٤٢٥ هـ-٢٠٠٤ م. (٣٥ - ٤٤)، انظر: الجعبري ومنهجه في كنز المعاني: ٢/ ٤٩٤.
(^٦) انظر: الهبات الهنيات: ٣٢، وكنز المعاني في شرح حرز الأماني ووجه التهاني (من باب حروف قربت مخارجها إلى باب ياءات الزوائد). للإمام الجعبري. دراسة وتحقيق: عبد الرحيم بن لطف الله العباسي، رسالة دكتوراه غير منشورة، الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية: ٤٦ - ٧٠.
1 / 19
ثانيًا: مؤلفاته في علم التجويد:
١ - عقود الجمان في تجويد القرآن (^١).
٢ - حدود الإتقان في تجويد القرآن (^٢).
٣ - القيود الواضحة في تجويد الفاتحة، وشرحها: الإمام ابن أُم قاسم المرادي (ت: ٧٤٩ هـ)، وهو من أهم شروحها، وهو مطبوعٌ محققٌ مرتين:
- تحقيق الدكتور/ عبد الهادي الفضلي، طبع بدار القلم، بيروت: لبنان.
- تحقيق الأستاذ/ فرغلي سيد عرباوي، طبع بمكتبة أولاد الشيخ للتراث بطنطا (٢٠٠٧ م).
ولها عدة شروح أخرى مخطوطة (^٣).
٤ - تحقيق التعليم في الترقيق والتفخيم (^٤).
٥ - الإرصاد في شرح المرصاد الفارق بين الظاء والضاد (^٥)، والكتاب شرح لمنظومة ألفها النَّاظم وسمَّاها (المرصاد الفارق بين الظاء والضاد) (^٦).
٦ - حقيقة الوقوف على مخارج الحروف (^٧).
٧ - المنّة في تحقيق الغنة (^٨).
_________
(^١) طبعت بتحقيق وشرح الدكتور/ محمد آيت عمران، حيث كانت رسالته للدكتوراه التي قدمها في قسم القراءات في كلية القرآن الكريم في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وقد صدر هذا الشرح مطبوعًا سنة: (١٤٤٠ هـ-٢٠١٩ م) - في (٣) مجلدات عن مركز إحكام للبحوث والدراسات القرآنية بالتعاون مع دار عالم الثقافة.
(^٢) قام الشيخ/ عمرو عبد العظيم مبروك الديب، بدراستها وتحقيقها وشرحها في رسالته للماجستير في قسم القراءات بكلية القرآن بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وقد نوقشت الرسالة سنة (١٤٣٣ هـ).
(^٣) انظر: الفهرس الشامل، التجويد: ٢/ ٣٢٧، ٣٥٦، ٣٧٨، ٥٥٠، ٣/ ٦٨٧، ٦٩٣ - ٦٩٥، وفهرس علوم القرآن الكريم لمخطوطات دار الكتب الظاهرية: ١/ ٢١٤، والملحق التابع للبدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع: ٢/ ١٣، وهدية العارفين: ١/ ٢٣.
(^٤) طبعت ضمن «ثلاث رسائل للإمام الجعبري تطبع لأول مرة»، بتحقيق/ جمال بن السيد رفاعي الشَّايب، مكتبة السنة-القاهرة، ١٤٢٥ هـ-٢٠٠٤ م. (٤٥ - ٥٦).
(^٥) طبع الكتاب بتحقيق د. طه محسن، المدرس في كلية الآداب في جامعة بغداد، وقد طبعته "دار الغوثاني للدراسات القرآنية، في سورية، دمشق، وقد صدرت طبعته الأولى سنة (٢٠٠٨ م).
(^٦) انظر: الهبات الهنيات: ١٨.
(^٧) الهبات الهنيات: ٢٢، حققها د. فؤاد عطا الله، ونشرها في مجلة الإصلاح، العدد ٤٦، السنة التاسعة، رجب- شعبان ١٤٣٦ هـ، (٤٥ - ٤٨).
(^٨) الهبات الهنيات: (٢٢)، مخطوط في مكتبة جامعة الملك عبد العزيز، برقم: (٧٠٨)، وحققها الباحث/ محمد آل رحاب، ونشرها في موقع الألوكة، بتاريخ: ٤/ ١١/ ٢٠١٧ https:// www.alukah.net/ library/ ٠/ ١٢٢٣٤٠/.
1 / 20