الإمام الأشعري حياته وأطواره العقدية
الناشر
دار الفضيلة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
التوسط بين الاعتزال وأهل الحديث، ولم يكن في هذه المرحلة قد فهم منهج أهل الحديث كما ينبغي فألف في هذه الفترة بعض الكتب التي تابع فيها ابن كلاب، كاللمع، ثم بعد ذلك بان له الحق وانجلت عنه الظلمة فألف كتاب الإبانة. فالإنسان يغلب عليه التدرج شيئًا فشيئًا في تنقلاته، لأن الإنسان يتضح له الأمر شيئًا فشيئًا. وينتقل إليه خطوة خطوة، فالأشعري قد وصل إلى الحق على مراتب، فترك أولًا مذهب المعتزلة إلى مذهبه العقلي، ثم ترك أخيرًا مذهبه العقلي إلى مذهب السلف، فأصاب الحق كله ومات مرضيًا عنه (^١). وقال باحث آخر: «من غير المعقول أن يتحول إنسان كائنًا من كان، بين عشية وضحاها من عقيدة إلى عقيدة مضادة لها تمامًا، وإنما يترك مذهب المعتزلة إلى مذهب كلامي أقل غلوًا في تمجيد العقل وهو مذهب ابن كلاب، ثم يتخلص من كل الآثار الكلامية في آخر مراحل تطوره، فيتبنى المذهب السلفي ويؤلف كتاب الإبانة (^٢).
الدليل الثاني: إن عددًا من علماء الكلام رجعوا في أواخر حياتهم عن مذاهبهم الكلامية واتبعوا ما قاله السلف محتذين بذلك حذو شيخهم من هؤلاء (^٣):
(^١) انظر القضاء والقدر ٢/ ٣١٧ وكتاب اللمع تحقيق حموده غرابة ص ٧.
(^٢) الفرق الإسلامية وأصولها ١/ ١٣٣، ١٣٤ بتصرف واختصار.
(^٣) انظر الفرق الإسلامية وأصولها الإيمانية ١/ ١٣٤.
1 / 232