394

الإحكام في أصول الأحكام

محقق

الشيخ أحمد محمد شاكر

الناشر

دار الآفاق الجديدة

مكان النشر

بيروت

الخصوص علمنا أنها لا تحمل على العموم إلا بدليل قال علي وقد تقدم إفسادنا لهذا الاستدلال فيما خلا من القول بالوجوب وبالظاهر ونقول ههنا إنه ليس وجودنا ألفاظا منقولة عن موضوعها في اللغة بموجب أن يبطل كل لفظ ويفسد وقوع الأسماء على مسمياتها ولو كان ذلك لكان وجودنا آيات منسوخة لا يجوز العمل بها موجبا لترك العمل بشيء من سائر الآيات كلها إلا بدليل يوجب العمل بها من غير لفظها ومن قال هذا فقد كفر بإجماع ومن لم يقله فقد تناقض ودل على فساد مذهبه وأما قولهم كما لا يوضع اسم السواد على البياض فقد يوضع أسود على غير اللون فيقال فلان أسود من فلان من معنى السيادة وليس ذلك بمبطل أن يكون السواد موضوعا لعدم الألوان وقد يقال للأسود أبو البيضاء وليس ذلك بمبطل أن يكون البياض موضوعا للون المفرق للبصر وقد احتج عليهم بعض من تقدم من القائلين بالعموم فقال ليس إلى وجود لفظ عام يراد به الخصوص سبيل البتة إلا بدليل وارد يبين أنه منقول عن مرتبته إلى غيرها كالدليل على تخصيص قوله تعالى ﴿تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي لقوم لمجرمين﴾ فصح بالنص وبالظاهر وبمقتضى اللفظ أنها لم تدمر من الأشياء إلا ما أمرت بتدميره وهذا لفظ خصوص لبعض الأشياء لا لفظ عموم لجميعها لكنه عموم لما قصد به قال وكذلك كل لفظ عموم أريد به الخصوص قال فلما صح ذلك بطل ما احتجوا به من وجودهم لفظا ظاهره العموم المطلق ويراد به الخصوص قال علي واحتجوا أيضا
فقالوا لم نجد قط خطابا إلا خاصا لا عاما فصح أن كل خطاب فإنما قصد به من بلغه الخطاب من العاقلين البالغين خاصة دون غيرهم
قال علي هذا تشغيب جاهل متكلم بغير علم ليت شعري أين كان عن

3 / 99