349

الإحكام في أصول الأحكام

محقق

الشيخ أحمد محمد شاكر

الناشر

دار الآفاق الجديدة

مكان النشر

بيروت

المكان باطلا بحتا بحول الله وقوته فنقول وبالله تعالى التوفيق إن ديون الناس التي إلى أجل لا يجوز لأحد أداؤها قبل حلول أوقاتها ولا تأخيرها عن حلول أوقاتها إلا بإذن الذين لهم الديون ورضاهم ولا خلاف في ذلك جملة ولكن تناقض من تناقض في بعض ذلك ولا خلاف في أن من كان له على أحد ثلاثة ديون من
ثلاث معاملات وكلها إلى آجال محددة فأذن الذي له الدين في تعجيل أحد تلك الديون بعينه قبل الأجل ورضي بذلك الغريم ثم أذن في تأخير آخر من تلك الديون بعينه بعد حلول
أجله فليس ذلك بموجب جواز تعجيل الدين الذي لم يأذن بتعجيله ولا بمجيز تأخيره عن أجله هذا ما لا خلاف بين اثنين فيه فإذا لم يكن إذن الناس فيما أذنوا فيه من تعجيل ديونهم أو تأجيلها موجبا أن يقاس ما سكتوا عنه من سائر ديونهم على ما أذنوا فيه من تعجيل ديونهم فذلك أبعد من أن تقاس ديون الله تعالى التي لم يأذن في تأجيلها ولا في تعجيلها على ما أذن الناس فيه من تعجيل ديونهم وتأجيلها قال علي وهذا ما لا خفاء به على من له مسكة عقل وأيضا فلا خلاف بين اثنين في أن من له دين فأسقطه البتة ورضي الغريم بذلك فإن ذلك الدين ساقط فيلزمهم إذا أجازوا تأخير ديون الله تعالى عن أوقاتها وتعجيل بعضها عن أوقاتها وإن لم يأذن الله تعالى في ذلك قياسا على جواز تأخير ديون الناس وجواز تعجيلها إذا أذنوا في ذلك بأن يجيزوا سقوط ديون الله تعالى بالبتة وإن لم يأذن الله تعالى في ذلك قياسا على سقوط ديون الناس بالبتة إذا أذنوا في ذلك وهذا أصح قياس وأشبه بقياسهم الذين حكوا لو كان القياس حقا والقياس بحمد الله تعالى باطل محض قال علي وأيضا فإن الزكوات والكفارات بالصدقات وإن كان الله تعالى قد جعلها للمساكين فليست من حكم ديون الناس في ورد ولا صدر

3 / 54