305

الإحكام في أصول الأحكام

محقق

الشيخ أحمد محمد شاكر

الناشر

دار الآفاق الجديدة

مكان النشر

بيروت

الدليل على أن الأوامر على الوقف قول الله تعالى مخبرا عن أهل اللغة الذين هم العرب ﴿ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا لعلم ماذا قال آنفا أولئك لذين طبع لله على قلوبهم وتبعوا أهوآءهم﴾ قال فلو كانت الأوامر على الوجوب والألفاظ على العموم لما كان لسؤالهم عما قاله ﵇ معنى إذ لو فهم الوجوب والعموم من نفس اللفظ لكان سؤالهم فاسدا قال علي لا يشبه هذا القول احتجاج مسلم لأن الله تعالى حكى هذا الاعتراض عن قوم منافقين كفار لم يرض فعلهم ولا سؤالهم وإنما حكى الله ﷿ ذلك عنهم منكرا عليهم وقد قال تعالى ﴿فأنجيناه وأصحاب لسفينة وجعلناهآ آية
للعالمين﴾ فأخبر تعالى أن ظاهر القرآن وتلاوته تكفي أن ذلك يجب قبوله على ظاهره حين وروده هذا نص الآية المذكورة ووصية الله تعالى التي لا تحتمل غير ما ذكرنا ولا أعجب من احتجاج من يدعي أنه مسلم في إسقاطه إيجاب طاعة الله ﷿ وطاعة رسوله ﷺ بكلام قوم كفار منافقين مستهزئين بآيات الله ﷿
وما نعرف لهذا الاحتجاج مثلا في الشنعة والفظاعة إلا قول إسماعيل بن إسحاق في كتابه الخمس وهو كتاب مشهور معلوم ولنا عليه فيه رد هتكنا عواره فيه وفضحناه بحول الله وقوته فإن قال في الكتاب المذكور لو كان ما أعطى النبي ﷺ صناديد قريش من غنائم هوازن إثر يوم حنين من نصيبه من خمس الخمس كما قال الشافعي ما قالت الأنصار في ذلك ولا قال ذو الخويصرة ما قال قال علي فمن أضل ممن يحتج بكلام ذي الخويصرة ويتخذ ذا الخويصرة وليجة من دون الله تعالى ورسوله ﷺ ويجعل إنكار كافر مشرك شر خلق الله هجور لرسول الله ﷺ حجة على المؤمنين القائلين إن رسول الله ﷺ إنما أعطى من أعطى نصيبه الذي فوض الله تعالى أمره إليه لا مما جعله الله ﷿ لأقوام مسلمين معروفين اللهم

3 / 10