أين نحنُ من رسولِ اللهِ ﷺ؟ الذي غُفرَ له ما تقدَّم من ذنبِه وما تأخَّرَ، وكان يقومُ حتى تتفطَّرَ قدماه، فيُقالُ له، فيقولُ: أفلا أكونُ عبدًا شكورًا.
روى المغيرةُ بنُ شعبةَ –﵁ قال: (قام رسولُ الله ﷺ حتى تفطرت قدماه فقيل له: أمَا قد غُفر لك ما تقدم من ذنبِك وما تأخر؟، قال: أفلا أكون عبدًا شكورًا) متفق عليه،
قال الغزاليُّ –﵀:" يظهرُ من معناه أنَّ ذلك كنايةٌ عن زيادةِ الرُّتبةِ، فإنَّ الشكرَ سببُ المزيدِ، قال تعالى: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ) [إبراهيم:٧] " (١) .
يظهرُ من هذا الحديثِ مدى حرصِ المصطفى – ﷺ على عبادةِ ربِّه، ومع هذا فلم تزل تتنزَّلُ عليه الآياتُ التي هي أشدُّ على صدرِه من وقعِ الجبالِ (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا) [المزمّل:٥] .
اللهُ أكبرُ!! كيف نتصوَّرُ تلقِّي رسولِ اللهِ ﷺ لقولِه تعالى: (وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاتَّخَذُوكَ خَلِيلا * وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلا * إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا) [الإسراء:٧٣-٧٥]
كيف نتصوَّرُ تلقِّي رسولِ اللهِ ﷺ لقولِه تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الزمر:٦٥]
كيف نتصوَّرُ تلقِّيه ﷺ لقولِه تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) [المائدة:٦٧]
_________
(١) إحياء علوم الدين (١/٣٥٣)
1 / 6