وعن يحيى بن معاذ الرازي قال: مسكين من كان علمه حجيجه، ولسانه خصيمه، وفهمه القاطع بعذره. وقيل لبعضهم: ألا تطلب العلم؟ فقال: خصومي من العلم كثير فلا أزداد. وقال سُرِّي: كلما ازددت علمًا كانت الحجة عليك أوكد.
وقال محمد بن أحمد بن سمعون الواعظ: "كل من ينظر بالعلم فيما لله عليه، فالعلم حجة عليه ووبال".
قال أبو حامد الغزالي ﵀: إنما يضاعف عذاب العالم في معصيته؛ لأنه عصى عن علم؛ ولذلك قال الله ﷿: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾ (النساء: ١٤٥)؛ لأنهم جحدوا بعد العلم.
وجعل اليهود شرًّا من النصارى، مع أنهم ما جعلوا لله -سبحانه- ولدًا، ولا قالوا: إنه ثالث ثلاثة، إلا أنهم كفروا بعد المعرفة، إذ قال الله تعالى: ﴿يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾ (البقرة: ١٤٦) وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ (البقرة: ٨٩)، وقال تعالى في قصة بلعام: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ حتى قال: ﴿فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ﴾ فكذلك العالم الفاجر، فإن بلعام أوتي كتاب الله تعالى؛ فأخلد إلى الشهوات، فشبه بالكلب أي: سواء أوتي الحكمة، أو لم يؤت، فهو يلهث إلى الشهوات.
وقال الفضيل بن عياض ﵀: "بلغني أن الفسقة من العلماء يبدأ بهم يوم القيامة قبل عبدة الأوثان".
1 / 98