الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى
الناشر
وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
المطلب الخامس السياسة الحكيمة
إذا سلك الداعية إلى الله مسلك السياسة الحكيمة في دعوته إلى الله تعالى، فسيكون لذلك عظيم الأثر في نجاح دعوته واكتسابه الحكمة، والوصول إلى الغاية المطلوبة بإذن الله تعالى.
والنبي ﷺ هو أُسوتنا وقدوتنا، وإمام الدعاة إلى الله، قد سلك هذا المسلك، فنفع الله به العباد، وأنقذهم به من الشرك إلى التوحيد، وكان لسياسته الحكيمة عظيم النفع والأثر في نجاح دعوته، وإنشاء دولته، وقوَّة سلطانه، ورفعة مقامه، ولم يعرف في تاريخ السياسات البشرية أن رجلا من الساسة المصلحين في أي أمة من الأمم كان له مثل هذا الأثر العظيم، ومَن مِن المصلحين المبرزين- سواء كان قائدًا محنكا، أو مربيًا حكيمًا- اجتمع لديه من رجاحة العقل، وأصالة الرأي، وقوة العزم، وصدق الفراسة، ما اجتمع في رسول الله-ﷺ؟ ولقد برهن على وجود ذلك فيه: صحة رأيه، وصواب تدبيره، وحسن تأليفه، ومكارم أخلاقه، ﷺ (١).
فإذا قام الداعية بسلوك هذا المسلك بإخلاص، وصدق وعزيمة، اكتسب من الحكمة في الدعوة إلى الله مكتسبًا عظيمًا.
وطرق السياسة الحكيمة في الدعوة إلى الله- ﷿ كثيرة، منها ما يأتي:
١ - تحري أوقات الفراغ، والنشاط، والحاجة عند المدعوين حتى لا يملوا عن الاستماع ويفوتهم من الإرشاد والتعليم النافع، والنصائح الغالية الشيء الكثير، وقد ثبت عن النبي ﷺ أنه كان يتخول أصحابه بالموعظة كراهة السآمة عليهم، فعن عبد الله بن مسعود ﵁ قال:
_________
(١) انظر: هداية المرشدين، للشيخ علي بن محفوظ ص٢٤ و٣١.
1 / 107