الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى

سعيد بن وهف القحطاني ت. 1440 هجري
60

الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى

الناشر

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٣هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

ولعظم أمر الأناة والتبين أمر الله بهما حتى في جهاد الكفار في سبيل الله الذي هو من أعظم وسائل الدعوة إلى الله تعالى، فقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [النساء: ٩٤] (١). ومن المعلوم أن الأمور قسمان: أمور واضحة، وأمور غير واضحة. فالواضحة البينة لا تحتاج إلى تثبت وتبين، لأن ذلك تحصيل حاصل. وأما الأمور المشكلة غير الواضحة فإن الداعية خاصة والمسلمين عامةً بحاجة إلى التثبت فيها والتبين، فإن ذلك يحصل فيه من الفوائد الكثيرة، والكف عن شرور عظيمة ما يجعل المسلم في سلامة عن الزلل، وبذلك يُعْرَف دين العبد وعقله ورزانته (٢). ومما يزيد الآية السابقة وضوحًا ما رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس ﵄ ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ [النساء: ٩٤] قال: كان رجل في غُنَيمة له فلحقه المسلمون، فقال: السلام عليكم فقتلوه وأخذوا غُنَيمته، فأنزل الله في ذلك إلى قوله: ﴿عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [النساء: ٩٤] تلك الغُنَيمة، وقرأ ابن عباس: السلام (٣). «وعن أسامة بن زيد ﵄ قال: بعثنا رسول الله ﷺ إلى الحرقة من جهينة، قال: فصبّحنا القوم فهزمناهم، قال: ولحقت أنا ورجل

(١) سورة النساء، الآية ٩٤. (٢) انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي ٢/ ١٣٢. (٣) البخاري مع الفتح، باب التفسير، سورة النساء، باب: ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا ٨/ ٢٥٨.

1 / 72