الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى
الناشر
وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
[أهمية الأناة في الدعوة إلى الله بالحكمة]
والأناة عند الداعية إلى الله - تعالى - تسمح له بأن يُحكم أموره، ويضع الأشياء في مواضعها، فهي ركن من أركان الحكمة، بخلاف العجلة فإنها تعرضه لكثير من الأخطاء، والإخفاق، والتعثر، والارتباك، ثم تعرضه للتخلف من حيث يريد السبق، ومن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، وبخلاف التباطؤ والكسل فهو أيضًا يعرضه للتخلف والحرمان من تحقق النتائج التي يرجوها (١).
والداعية مطلوب منه أن يتخلق بخلق الأناة، ولكن ما يتطلب من الأمور عملًا سريعًا فالحكمة السرعة إذن، وهي لا تخرج عن الأناة، فالقضية نسبية، وما يتطلب من الأمور عملًا بطيئًا فالحكمة البطء إذن، وهو لا يخرج عن الأناة؛ لأن الأمر نسبي، وليس للأناة مقادير زمنية ثابتة؛ ولكنها تختلف باختلاف حاجة الأشياء إلى مقدار السرعة الزمنية التي تحتاجها وتستدعيها النتائج المطلوبة، فالأشياء مربوطة بأوقاتها، والعجلة فيها مع معرفة أوقاتها المطلوبة خلقٌ مذموم يدل على ضعف خلق الصبر، ونقص الحكمة، والتباطؤ فيها خلق مذموم يدل على ضعف الهمة والإخلاد إلى الراحة والكسل، أما الأناة فليست تعجلًا ومسابقة لأوقات الأشياء، ولا تباطؤا وكسلًا، وكل من العجلة والتباطؤ يضيعان على أصحابهما الجهد والزمن، وما بذلوه، والأناة هي الكفيلة - بإذن الله تعالى - بتحقيق المطلوب، وتفادي الخسارة.
وقد ذم الإسلام الاستعجال ونهى عنه، وذم التباطؤ والكسل ونهى عنه، ومدح الأناة وأمر بها، وعمل على تربية المسلمين على الأناة والتثبت الحكيم في القيام بالأعمال وتصريف الأمور (٢).
_________
(١) انظر: الأخلاق الإسلامية وأسسها لعبد الرحمن الميداني ٢/ ٣٥٣، وأخلاق القرآن الكريم ٣٠/ ١٥.
(٢) انظر: الأخلاق الإسلامية وأسسها للميداني ٢/ ٣٥٣، ٣٥٤ بتصرف.
1 / 69