الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى
الناشر
وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
٣ - عن أنس بن مالك ﵁ قال: «كنت أمشي مع النبي ﷺ وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة حتى نظرت صفحة عاتق النبي ﷺ قد أثرت به حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله ﷺ فضحك، ثم أمر له بعطاء» (١). .
وهذا من روائع حلمه ﷺ وكماله، وحسن خلقه، وصفحه الجميل، وصبره على الأذى في النفس، والمال، والتجاوز على جفاء من يريد تألفه على الإسلام؛ وليتأسى به الدعاة إلى الله، والولاة بعده في حلمه، وخلقه الجميل من الصفح، والإغضاء، والعفو، والدفع بالتي هي أحسن (٢). .
٤ - «وعن جابر بن عبد الله ﵄ أنه غزا مع رسول اللهّ ﷺ قبل نجد، فلما قفل رسول الله ﷺ قفل معه، فأدركتهم القائلة في وادٍ كثير العضاه، فنزل رسول اللهّ ﷺ تحت شجرة، وعلق بها سيفه، ونمنا نومةً، فإذا رسول الله ﷺ يدعونا، وإذا عنده أعرابي، فقال: " إن هذا اخترط عليَّ سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صلتًا، فقال: من يمنعك مني؟ فقلت: الله (ثلاثًا) ولم يعاقبه، وجلس» (٣). .
وفي هذا دلالة واضحة على قوة يقينه، وصبره على الأذى، وحلمه على الجهال، وشدة رغبته في استئلاف الكفار؛ ليدخلوا في الإسلام، ولهذا ذُكِرَ أن هذا الأعرابي رجع إلى قومه وأسلم، واهتدى به خلق كثير (٤). .
_________
(١) البخاري مع الفتح، كتاب فرض الخمس، باب ما كان النبي ﷺ يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه ٦/ ٢٥١: ومسلم، كتاب الزكاة: باب إعطاء من سأل بفحش وغلظة ٢/ ٧٣٠.
(٢) انظر: فتح الباري ١٠/ ٥٠٦، وشرح النووي على مسلم ٧/ ١٤٦، ١٤٧.
(٣) البخاري مع الفتح، كتاب الجهاد، باب من علق سيفه بالشجر بالسفر عند القائلة ٦/ ٩٦، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف ١/ ٥٧٦، ٤/ ١٧٨٦.
(٤) انظر: فتح الباري ٧/ ٤٢٧، ٤٢٨.
1 / 59