133

الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى

الناشر

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٣هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

رسول الله ﷺ: "لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا". قال: فأنزل الله- ﷿: ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى﴾ [العلق: ٦] إلى آخر السورة.» (١).
وقد عصم الله النبي ﷺ من هذا الطاغية ومن غيره، وصبر على هذا الأذى العظيم ابتغاء وجه الله- تعالى-، فضحى بنفسه وماله ووقته في سبيل الله تعالى.
٤ - ومما أُصيبَ به محمد ﷺ من الأذى بتحريض هذا الطاغية ما رواه ابن مسعود ﵁ قال: «بينما رسول الله ﷺ يصلي عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس، وقد نحرت جزور بالأمس، فقال أبو جهل: أيكم يقوم إلى سلا (٢) جزور بني فلان فيأخذه فيضعه على ظهر محمد إذا سجد، فانبعث أشقى القوم (٣) فأخذه، فلما سجد النبي ﷺ وضعه بين كتفيه، قال: فاستضحكوا، وجعل بعضهم يميل على بعض، وأنا أنظر، لو كانت لي منعة طرحته عن ظهر رسول الله ﷺ، والنبي ﷺ ساجد ما يرفع رأسه، حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة فجاءت وهي جويرية، فطرحته عنه، ثم أقبلت عليهم تشتمهم، فلما قضىَ النبي ﷺ صلاته، رفع صوته، ثم دعا عليهم، وكان إذا دعا دعا ثلاثَا، وإذا سأل سأل ثلاثًا، ثم قال: "اللهم عليك بقريش " ثلاث مرات، فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك، وخافوا دعوته، ثم قال: "اللهم عليك بأبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط "، وذكر السابع ولم أحفظه، فوالذي بعث محمدًا ﷺ

(١) أخرجه مسلم في كتاب المنافقين، باب قوله تعالى: كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَىأَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ٤/ ٢١٥٤، وانظر: شرخ النووي ١٧/ ١٤٠.
(٢) السلا، هو. اللفافة التي يكون فيها الولد في بطن الناقة وسائر الحيوان، وهي من الآدمية: المشيمة. انظر: شرح النووي١٢/ ١٥١.
(٣) هو عقبة بن أبي مُعيط، كما صرح به في رواية لمسلم في صحيحه ٣/ ١٤١٩.

1 / 149