الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى

سعيد بن وهف القحطاني ت. 1440 هجري
125

الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى

الناشر

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٣هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

أما سرية الدعوة في عهد النبي ﷺ في أول البعثة؛ فلأن الرسول ﷺ وأصحابه- ﵃ كان لا يسمح لهم أن يقولوا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، ولا أن يؤذنوا، أو يصلوا، ولما قويت شوكتهم أمر الله رسوله بالجهر بالدعوة فجهروا بها، ولاقوا من الأذى ما هو معروف بين المسلمين (١). المسلك الثاني: مواقفه ﷺ في مرحلة الدعوة الجهرية بمكة: أمر الله نبيه بإنذار عشيرته الأقربين، فقال ﷿: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ - وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ - فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [الشعراء: ٢١٤ - ٢١٦] (٢). فقام رسول الله ﷺ بتنفيذ أمر ربه بالجهر بالدعوة والصدع بها، وإنذار عشيرته، فوقف مواقف حكيمة أظهر الله بها الدعوة الإسلامية، وبين بها حكمة النبي ﷺ وشجاعته، وإخلاصه لله رب العالمين، وقمع بها الشرك وأهله، وأذلهم إلى يوم الدين، ومن هذه المواقف الحكيمة ما يأتي: (أ) موقفه الحكيم في صعوده على الصفا، ونداؤه العام: عن ابن عباس ﵄ قال: «لما نزلت: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤] صعد النبي ﷺ على الصفا فجعل ينادي: يا بني فهر، يا بني عدي - لبطون قريش - حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولًا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب، وقريش، فقال: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيَلاَ بالوادي تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدقي؟ قالوا؟ نعم، ما جربنا عليك إلا صِدْقًا. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب

(١) انظر: الرحيق المختوم ص ٧٥، والتاريخ الإسلامي، لمحمود شاكر ٢/ ٦٢، وهذا الحبيب يا محب ص٩٩. (٢) سورة الشعراء ٢١٤ - ٢١٦.

1 / 141