الإحكام في أصول الأحكام
الناشر
المكتب الإسلامي
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠٢ هجري
مكان النشر
(دمشق - بيروت)
تصانيف
أصول الفقه
[الْقِسْمُ الثَّالِثُ فِي مُسْتَنَدَاتِ الرَّاوِي وَكَيْفِيَّةِ رِوَايَتِهِ]
[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قول الصَّحَابِيُّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ كَذَا]
الْقِسْمُ الثَّالِثُ
فِي مُسْتَنَدَاتِ الرَّاوِي وَكَيْفِيَّةِ رِوَايَتِهِ
الرَّاوِي لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ صَحَابِيًّا أَوْ غَيْرَ صَحَابِيٍّ، فَإِنْ كَانَ صَحَابِيًّا فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ كَذَا أَوْ أَخْبَرَنِي أَوْ حَدَّثَنِي أَوْ شَافَهَنِي رَسُولُ اللَّهِ بِكَذَا، فَهُوَ خَبَرٌ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَاجِبُ الْقَبُولِ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى
إِذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ كَذَا، اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ، فَيَكُونُ حُجَّةً مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: لَا يُحْكَمُ بِذَلِكَ، بَلْ هُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ ﵇، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ غَيْرِهِ.
وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ غَيْرِ النَّبِيِّ ﷺ، فَمَنْ قَالَ بِعَدَالَةِ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ، وَمَنْ قَالَ بِأَنَّ حُكْمَ الرَّاوِي مِنَ الصَّحَابَةِ حُكْمُ غَيْرِهِمْ فِي وُجُوبِ الْكَشْفِ عَنْ حَالِ الرَّاوِي مِنْهُمْ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَرَاسِيلِ تَابِعِ التَّابِعِينَ، وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ الْقَوْلِ فِيهِ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى سَمَاعِهِ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ مَعَ إِمْكَانِ سَمَاعِهِ مِنَ الْوَاسِطَةِ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ: " قَالَ " يُوهِمُ السَّمَاعَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ إِيهَامًا ظَاهِرًا.
وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الصَّحَابِيِّ الْعَدْلِ الْعَارِفِ بِأَوْضَاعِ اللُّغَةِ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِلَفْظٍ يُوهِمُ مَعْنًى، وَيُرِيدُ غَيْرَهُ.
2 / 95