الإحكام في أصول الأحكام
الناشر
المكتب الإسلامي
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠٢ هجري
مكان النشر
(دمشق - بيروت)
تصانيف
أصول الفقه
الْحُجَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا (١) كَيْفَ وَأَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِخَبَرِ الْفَاسِقِ وَالصَّبِيِّ، إِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ (٢) .
الْحُجَّةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّهُمْ قَالُوا إِذَا وَقَعَتْ وَاقِعَةٌ، وَلَمْ يَجْدِ الْمُفْتِي سِوَى خَبَرِ الْوَاحِدِ فَلَوْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ لَتَعَطَّلَتِ الْوَاقِعَةُ عَنْ حُكْمِ الشَّارِعِ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: خُلُوُّ الْوَاقِعَةِ عَنِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ إِنَّمَا يَمْتَنِعُ مَعَ وُجُودِ دَلِيلِهِ، وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ الدَّلِيلِ؛ فَلَا (٣) .
وَلِهَذَا فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَظْفَرِ الْمُفْتِي فِي الْوَاقِعَةِ بِدَلِيلٍ وَلَا خَبَرِ الْوَاحِدِ، فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ خُلُوُّ الْوَاقِعَةِ عَنِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ وَالْمَصِيرِ إِلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ.
وَعَلَى هَذَا فَامْتِنَاعُ خُلُوِّ الْوَاقِعَةِ عَنِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ عِنْدَ الظَّفَرِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِ خَبَرِ الْوَاحِدِ حُجَّةً وَدَلِيلًا، وَكَوْنُهُ حُجَّةً يَتَوَقَّفُ عَلَى امْتِنَاعِ خُلُوِّ الْوَاقِعَةِ مَعَ وُجُودِهِ عَنِ الْحُكْمِ، وَهُوَ دَوْرٌ مُمْتَنِعٌ.
كَيْفَ وَإِنَّا لَا نُسَلِّمُ خُلُوَّ الْوَاقِعَةِ عَنِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، فَإِنَّ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَقِّ الْمُكَلَّفِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَدِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِإِثْبَاتِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ نَفْيُ ذَلِكَ الْحُكْمَ وَمُدْرَكُهُ شَرْعِيٌّ، فَإِنَّ انْتِفَاءَ مَدَارِكِ الشَّرْعِ بَعْدَ وُرُودِ الشَّرْعِ مُدْرَكٌ شَرْعِيٌّ لِنَفْيِ الْحُكْمِ.
(١) فِيهِمَا مَا تَقَدَّمَ تَعْلِيقًا - ص ٥٠، ٥٣.
(٢) فِيهِمَا مَا تَقَدَّمَ تَعْلِيقًا - ص ٥٠، ٥٣.
(٣) الْقَوْلُ بِخُلُوِّ وَقَائِعَ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ فِيهَا تَأْبَاهُ نُصُوصُ الشَّرِيعَةِ، وَإِيتَاءُ النَّبِيِّ ﷺ جَوَامِعَ الْكَلِمِ. انْظُرْ ص ٢٨٠ وَمَا بَعْدَهَا ج ١٩ مِنْ مَجْمُوعِ الْفَتَاوَى.
2 / 54