327

الإحكام في أصول الأحكام

الناشر

المكتب الإسلامي

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠٢ هجري

مكان النشر

(دمشق - بيروت)

الْأُصُولِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (١) .
الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَوْ جَازَ التَّعَبُّدُ بِقَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ لَجَازَ التَّعَبُّدُ بِهِ فِي نَقْلِ الْقُرْآنِ، وَهُوَ مُحَالٌ.
الرَّابِعُ: أَنَّ أَخْبَارَ الْآحَادِ قَدْ تَتَعَارَضُ، فَلَوْ وَرَدَ التَّعَبُّدُ بِالْعَمَلِ بِهَا، لَكَانَ وَارِدًا بِالْعَمَلِ بِمَا لَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِ ضَرُورَةَ التَّعَارُضِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ عَلَى الشَّارِعِ.
وَالْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ رِعَايَةِ الْمَصَالِحِ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ وَأَفْعَالِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ عَلَى مَا عَرَفْنَاهُ فِي الْكَلَامِيَّاتِ (٢) .
الثَّانِي: أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مُنْتَقِضٌ بِوُرُودِ التَّعَبُّدِ بِقَبُولِ شَهَادَةِ الشُّهُودِ (٣) وَقَوْلِ الْمُفْتِي، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْفُرُوقِ فَبَاطِلَةٌ، أَمَّا الْفَرْقُ الْأَوَّلُ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَا يَطَّرِدُ فِي الْأَخْبَارِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَنْوَاعِ الْمُعَامَلَاتِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ يَنْتَقِضُ بِالشَّهَادَةِ فِيمَا لَا يَجْرِي فِيهِ الصُّلْحُ، كَالدِّمَاءِ وَالْفُرُوجِ (٤) .
وَأَمَّا الْفَرْقُ الثَّانِي: فَمِنْ جِهَةِ أَنَّ الْخَبَرَ كَمَا يَسْتَلْزِمُ إِثْبَاتَ أَمْرٍ شَرْعِيٍّ، كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْقَتْلِ وَالسَّرِقَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، يَسْتَلْزِمُ إِثْبَاتَ أَمْرٍ شَرْعِيٍّ، وَهُوَ وُجُوبُ الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ.
وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَبَرِ وَالشَّهَادَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَا بُدَّ عِنْدَ الشَّهَادَةِ مِنْ دَلِيلٍ يُوجِبُ الْعَمَلَ بِهَا، كَمَا فِي الْعَمَلِ بِالْخَبَرِ.
وَأَمَّا الْمُعَارَضَةُ بِالْآيَاتِ، فَجَوَابُهَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

(١) وَلَيْسَ كَذَلِكَ، هَذِهِ صُغْرَى الدَّلِيلِ، وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ، فَإِنَّا نَلْتَزِمُ جَوَازَ التَّعَبُّدِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ، وَالْمُخَالِفُونَ فِي ذَلِكَ اسْتَدَلُّوا بِهِ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ اسْتِقْرَاءُ كُتُبِهِمْ. انْظُرِ التَّعْلِيقَ ص ٢٨٢ مِنْ ج ١. وَص ٢٥٧ ج ٢٠ مِنْ مَجْمُوعِ الْفَتَاوَى.
(٢) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ تَعْلِيقًا ص ٩١ - ٩٤ - ١٠٤ مِنْ ج ١.
(٣) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ تَعْلِيقًا ص ٩١ - ٩٤ - ١٠٤ مِنْ ج ١.
(٤) الْجَوَابُ صَحِيحٌ إِلَّا أَنَّ فِي التَّمْثِيلِ بِالدِّمَاءِ نَظَرًا، فَإِنَّهَا قَدْ يَجْرِي فِيهَا الصُّلْحُ.

2 / 47