الإحكام في أصول الأحكام
الناشر
المكتب الإسلامي
الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠٢ هجري
مكان النشر
(دمشق - بيروت)
تصانيف
أصول الفقه
وَأَمَّا حُجَّةُ الشِّيعَةِ فَمَبْنِيَّةٌ عَلَى وُجُودِ الْإِمَامِ الْمَعْصُومِ فِي كُلِ عَصْرٍ، وَقَدْ أَبْطَلْنَا ذَلِكَ بِالِاعْتِرَاضَاتِ الْقَادِحَةِ وَالْإِشْكَالَاتِ الْمُشَكْلَةِ عَلَى جِهَةِ الْوَفَاءِ وَالِاسْتِقْصَاءِ فِي مَوْضِعِهِ اللَّائِقِ بِهِ مِنَ الْإِمَامَةِ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ، فَعَلَيْكَ بِمُرَاجَعَتِهِ (١) .
[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ لا عبرة بغير المسلمين في الإجماع]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ
اتَّفَقَ الْقَائِلُونَ بِكَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً عَلَى أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِمُوَافَقَةِ مَنْ هُوَ خَارِجٌ عَنِ الْمِلَّةِ، وَلَا بِمُخَالَفَتِهِ، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ اتِّفَاقُ كُلِّ أَهْلِ الْمِلَّةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِأَنَّ الْإِجْمَاعَ إِنَّمَا عُرِفَ كَوْنُهُ حُجَّةً بِالْأَدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ عَلَى مَا سَبَقَ، وَهِيَ مَعَ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِهَا لَا إِشْعَارَ لَهَا بِإِدْرَاجِ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمِلَّةِ فِي الْإِجْمَاعِ وَلَا دَلَالَةَ لَهَا إِلَّا عَلَى عِصْمَةِ أَهْلِ الْمِلَّةِ؛ وَلِأَنَّ الْكَافِرَ غَيْرُ مَقْبُولِ الْقَوْلِ فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ مُعْتَبَرًا فِي إِثْبَاتِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ وَلَا إِبْطَالِهَا، وَإِذَا تَمَّ الْإِجْمَاعُ دُونَهُ، فَلَا اعْتِبَارَ بِمُخَالَفَتِهِ.
وَأَمَّا الثَّانِي: فَلِأَنَّ الْإِجْمَاعَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، فَلَوِ اعْتُبِرَ فِيهِ إِجْمَاعُ كُلِّ أَهْلِ الْمِلَّةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَمَا أَمْكَنَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، أَمَّا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلِعَدَمِ كَمَالِ الْمُجْمِعِينَ، وَأَمَّا يَوْمُ الْقِيَامَةِ فَلِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ وَلَا اسْتِدْلَالَ.
(١) وَانْظُرْ أَيْضًا مِنْهَاجَ السُّنَّةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ.
1 / 225