155

الإحكام في أصول الأحكام

الناشر

المكتب الإسلامي

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠٢ هـ

مكان النشر

(دمشق - بيروت)

لَيْسَ شَرْطًا فِي تَحَقُّقِ الْأَمْرِ وَقِيَامِهِ بِنَفْسِ الْأَمْرِ حَتَّى يُقَالَ بِتَأْخِيرِ شَرْطِ وُجُودِهِ عَنْ وُجُودِهِ بَلْ هُوَ شَرْطُ الِامْتِثَالِ. وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا لَا يَتَوَقَّفُ تَحَقُّقُهُ عَلَى الِامْتِثَالِ كَمَا عُلِمَ مِنْ أَصْلِنَا. وَعَلَى هَذَا فَقَدَ بَطَلَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الِامْتِثَالِ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لِلْعَبْدِ، وَوَجَبَ حَمْلُ الْإِجْمَاعِ فِيمَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْأَحْكَامِ عَلَى وُجُودِ الْأَمْرِ حَقِيقَةً لَا عَلَى ظَنِّ وَجُودِهِ ; لِأَنَّ احْتِمَالَ الْخَطَإِ فِي الظَّنِّ قَائِمٌ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فِي حَقِّ الْإِجْمَاعِ. وَإِذَا عُرِفَ مَا حَقَّقْنَاهُ فَمَنْ أَفْسَدَ (١) صَوْمَ رَمَضَانَ بِالْوِقَاعِ ثُمَّ مَاتَ أَوْ جُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ، وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنَا، وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَا ; لِأَنَّهَا إِنَّمَا تَجِبُ بِإِفْسَادِ صَوْمٍ وَاجِبٍ لَا يَتَعَرَّضُ لِلِانْقِطَاعِ فِي الْيَوْمِ، لَا لِعَدَمِ قِيَامِ الْأَمْرِ بِالصَّوْمِ وَوُجُوبِهِ. وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْحَائِضِ الشُّرُوعُ فِي صَوْمِ يَوْمٍ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهَا تَحِيضُ فِيهِ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إِنْ شَرَعَتْ فِي الصَّوْمِ أَوِ الصَّلَاةِ الْوَاجِبَيْنِ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ، ثُمَّ شَرَعَتْ وَمَاتَ فِي أَثْنَائِهَا حَنِثَ، وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَلَا كَذَلِكَ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ، وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَا يَرِدُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.

(١) شُرُوعٌ فِي بَيَانِ ثَمَرَةِ الْخِلَافِ.

1 / 157