الإحكام في أصول الأحكام

سيف الدين الآمدي ت. 631 هجري
145

الإحكام في أصول الأحكام

الناشر

المكتب الإسلامي

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠٢ هـ

مكان النشر

(دمشق - بيروت)

وَالْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ إِنَّهُ حِكَايَةُ قَوْلِ الْكُفَّارِ أَنَّ عُلَمَاءَ الْأُمَّةِ مِنَ السَّلَفِ وَغَيْرِهِمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ تَصْدِيقُهُمْ فِيمَا قَالُوهُ وَالتَّحْذِيرُ لِغَيْرِهِمْ مِنْ ذَلِكَ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَعْذِيبُهُمْ بِالتَّكْذِيبِ بِيَوْمِ الدِّينِ، وَقَدْ عُطِفَ عَلَى مَا قَبْلَهُ. وَالْأَصْلُ اشْتِرَاكُ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِي أَصْلِ الْحُكْمِ. وَعَنْ حَمْلِ لَفْظِ الْمُصَلِّينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ تَرْكٌ لِلظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ، وَإِنْ أَمْكَنَ تَأْوِيلُ لَفْظِ الصَّلَاةِ فَبِمَاذَا نَتَأَوَّلُ قَوْلَهُ: ﴿وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ﴾ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ إِنَّمَا هُوَ الْإِطْعَامُ الْوَاجِبُ لِاسْتِحَالَةِ - (١) - التَّعْذِيبِ عَلَى تَرْكِ إِطْعَامٍ لَيْسَ بِوَاجِبٍ. وَعَنْ قَوْلِهِمْ بِتَغْلِيظِ عَذَابِ التَّكْذِيبِ بِإِضَافَةِ تَرْكِ الطَّاعَاتِ إِلَيْهِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُبَاحَةً لَمَا غُلِّظَ الْعَذَابُ بِهَا. وَعَنْ قَوْلِهِمْ بِالتَّعْذِيبِ بِإِخْرَاجِ أَنْفُسِهِمْ عَنِ الْعِلْمِ بِقُبْحِ تَرْكِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ تَرْكٌ لِلظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ، وَأَنَّهُ يُوجِبُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ كَافِرٍ ارْتَكَبَ جَمِيعَ الْمُحَرَّمَاتِ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يُبَاشِرْ شَيْئًا مِنْهَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِيمَا قِيلَ، وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ. وَعَنِ الْحَمْلِ عَلَى صَلَاةِ الْمُرْتَدِّينَ أَنَّ الْآيَةَ بِلَفْظِهَا عَامَّةٌ فِي كُلِّ الْمُجْرِمِينَ الْمَذْكُورِينَ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَتَسَاءَلُونَ - عَنِ الْمُجْرِمِينَ﴾ وَهُوَ عَامٌّ فِي الْمُرْتَدِّينَ وَغَيْرِهِمْ فَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهَا مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ. هَذَا مِنْ جِهَةِ النُّصُوصِ. وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْإِلْزَامِ، فَهُوَ أَنَّهُ لَوِ امْتَنَعَ التَّكْلِيفُ بِالْفِعْلِ مَعَ عَدَمِ شَرْطِ الْفِعْلِ - (٢) - لَامْتَنَعَ التَّكْلِيفُ بِالصَّلَاةِ مَعَ عَدَمِ الطَّهَارَةِ، وَلَكَانَ مَنْ تَرَكَ الطَّهَارَةَ وَالصَّلَاةَ أَبَدًا لَا يُعَاقَبُ وَلَا يُذَمُّ إِلَّا عَلَى تَرْكِ الطَّهَارَةِ، بَلْ مَا لَا تَتِمُّ الطِّهَارَةُ إِلَّا بِهِ. وَذَلِكَ خِلَافُ إِجْمَاعِ الْأُمَّةِ. [الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ التَّكْلِيفَ لَا يَتَعَلَّقُ إِلَّا بِمَا هُوَ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ مِنَ الْفِعْلِ] الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ اتَّفَقَ أَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى أَنَّ التَّكْلِيفَ لَا يَتَعَلَّقُ إِلَّا بِمَا هُوَ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ مِنَ الْفِعْلِ وَكَفِّ النَّفْسِ عَنِ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ فِعْلٌ خِلَافًا لِأَبِي هَاشِمٍ - (٣) - فِي قَوْلِهِ: إِنَّ التَّكْلِيفَ قَدْ يَكُونُ بِأَنْ لَا يَفْعَلَ الْعَبْدُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنِ التَّلَبُّسِ بِضِدِّ الْفِعْلِ، وَذَلِكَ لَيْسَ بِفِعْلٍ.

(١) أَيْ: فِي حِكْمَةِ اللَّهِ وَعَدْلِهِ وَرَحْمَتِهِ بِعِبَادِهِ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ كَتَبَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ تُفَضُّلًا وَإِحْسَانًا مِنْهُ إِلَيْهِمْ. (٢) أَيْ: شَرْطُ صِحَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. (٣) تَقَدَّمَتْ تَرْجَمَتُهُ ص

1 / 147