الهبات السنية العلية على أبيات الشاطبية الرائية

الملا علي القاري ت. 1014 هجري
4

الهبات السنية العلية على أبيات الشاطبية الرائية

محقق

أطروحة دكتوراة - قسم الكتاب والسنة، كلية الدعوة وأصول الدين، جامعة أم القرى ١٤٢٢ هـ

الناشر

دار طيبة الخضراء للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م

مكان النشر

مكة المكرمة

تصانيف

وعجزَنا-، ومن مظاهر هذا الحفظِ الإلهيِّ المذكورِ أن سخَّر الله أناسًا اصطفاهمُ ليكونوا ورثةَ النبي ﷺ في حفظ هذا الدين، فقاموا به خير قيام فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، فما مات النبي ﷺ إلا والقرآنُ كلُّه محفوظُ في الصدورِ، مكتوبٌ في السطور، وكان هذا الجمعُ مفرَّقَ الآيات والسورِ. وفي عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق ﵁ جُمِعَ القرآنُ في صُحُفٍ مجموعَ الآيات والسُّوَر في مكانٍ واحدٍ وكان هذا الجمع بمشورةٍ من عمر ﵁ مخافة أن يذهب القرآنُ بذهاب حُفَّاظِه الذين اسْتَحَرَّ القتلُ فيهم في موقعةِ اليمامة. ولما كثرت الفتوحات الإسلامية ودخلَ الناسُ في دين الله أفواجًا، واجتمعَ أهل المشرقِ بأهلِ المغربِ، وكلٌّ يقرأ بما عنده من القرآن بالحرف الذي سمعه، ولعَدَمِ علمِ بعضِهم بالحروف نشَأَ بينهم خلافٌ أدى إلى إنكار الأحرفِ والقراءاتِ من بعضهم حتى تفاقم الأمر وكاد يقع بينهم قتالٌ في ذلك، فسمع هذا الاختلافَ بين الناس الصحابيُّ الجليلُ حذيفةُ بن اليمان ﵁ فذهب إلى الخليفةِ عثمانَ بنِ عفانَ ﵁ وقال له: أدرك هذه الأمة قبل أن تختلف في كتاب ربها كما اختلفت اليهود والنصارى، فامتثل الخليفةُ الراشدُ عثمانُ النصيحةَ وجَمَعَ القرآنَ في مصحفٍ واحدٍ مرتبِ الآياتِ والسورِ برسمٍ يخالف الرسمَ الإملائيَّ في بعض الكلمات ليَحْتَمِلَ وجوهَ القراءاتِ، وأُطلق عليه الرسمُ العثمانيُّ، وأَمَرَ بنسخِ هذا المصحفِ نُسَخًا عِدَّة، وبَعَثَ بها إلى الآفاق (^١). وقد عُنِيَ علماء المسلمين بالقرآن وعلومِه والقراءاتِ منذ نزوله على

(^١) المقنع صـ ٩.

1 / 7