الحاوي الكبير

الماوردي ت. 450 هجري
93

الحاوي الكبير

محقق

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٩ هجري

مكان النشر

بيروت

قالوا: وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَبْطُلُ بِالْحَدَثِ فَوَجَبَ أَنْ يَفْتَقِرَ ابْتِدَاؤُهَا إِلَى نُطْقٍ كَالصَّلَاةِ وَدَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ [المائدة: ٦] فَلَمَّا كَانَتْ وَاجِبَاتُ الْوُضُوءِ مَأْخُوذَةً مِنْهَا لِقَوْلِهِ ﷺ َ - لِلْأَعْرَابِيِّ: " تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ "، وَلَمْ يَكُنْ لِلتَّسْمِيَةِ فِيهَا ذِكْرٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ، وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ َ - أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ تَوَضَّأَ وَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ كَانَ طَهُورًا لِجَمِيعِ بَدَنِهِ، وَمَنْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ كَانَ طَهُورًا لِأَعْضَائِهِ "، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَيْسَ فِي آخِرِهَا نُطْقٌ وَاجِبٌ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ فِي ابْتِدَائِهَا نُطْقٌ وَاجِبٌ كَالصِّيَامِ وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ شَرْطِهَا التَّسْمِيَةُ كَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ. فَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِالْحَدِيثِ فَضَعِيفُ الْإِسْنَادِ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ مِنْ طَرِيقَيْنِ وَاهِيَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَبُو فَضَّالٍ عَنْ جَدَّتِهِ عَنْ أَبِيهَا أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَالثَّانِي: يَعْقُوبُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَيْسَ فِي التَّسْمِيَةِ حَدِيثٌ ثَبْتٌ وَلَوْ سَلِمَ لَكَانَ الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ تَحَمُّلَ التَّسْمِيَةِ عَلَى النِّيَّةِ وَهُوَ تَأْوِيلُ الْأَوْزَاعِيِّ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الْكَمَالِ دُونَ الْإِجْزَاءِ، وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الصَّلَاةِ فَمُنْتَقَضٌ بِالطَّوَافِ، ثُمَّ الْمَعْنَى فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي آخِرِهَا نُطْقٌ وَاجِبٌ كَانَ فِي أَوَّلِهَا نُطْقٌ وَاجِبٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ. فَصْلٌ : فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ التَّسْمِيَةَ سُنَّةٌ فَهِيَ سُنَّةٌ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ مُبْتَدِئًا بِهَا عَلَى طَهَارَتِهِ فَإِنْ نَسِيَهَا فِي الِابْتِدَاءِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵁ فِي الْقَدِيمِ يُسَمِّي إِذَا ذَكَرَهَا فِي ابْتِدَاءِ الطَّهَارَةِ أَوْ آخرها. مسألة قال الشافعي ﵁: " ثُمَّ يُفْرِغُ الْمَاءَ مِنْ إِنَائِهِ عَلَى يَدَيْهِ فيغسلهما ثلاثا ". قال الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ غَسْلُ الْكَفَّيْنِ ثَلَاثًا قَبْلَ إِدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ سُنَّةٌ عَلَى كُلِّ مُتَوَضِّئٍ أَوْ مُغْتَسِلٍ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ: غَسْلُ الْكَفَّيْنِ قَبْلَ إِدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ قَامَ مِنَ النَّوْمِ فَإِنْ غَمَسَهُمَا فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ غَسْلِهِمَا نَجَّسَ الْمَاءَ سَوَاءٌ تَيَقَّنَ نَجَاسَةَ كَفَّيْهِ أَمْ لَا، وَقَالَ دَاوُدُ: غَسْلُهُمَا وَاجِبٌ لَكِنْ لَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ بِتَرْكِ الْغَسْلِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ نَجَاسَةَ كَفَّيْهِ.

1 / 101