الحاوي الكبير
محقق
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩ هجري
مكان النشر
بيروت
إليه فيكون (في صحة): الطهارة وجهان: فأما من توضأ ينوي الطهارة وحدها أجزأه وضوءه وارتفع حدثه لأن الطهارة ترفع الْحَدَثِ، وَلَكِنْ لَوْ نَوَى الْوُضُوءَ وَحْدَهُ فَالْوُضُوءُ قَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا إِلَيْهِ وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا فَيَكُونُ فِي ارْتِفَاعِ حَدَثِهِ وَجْهَانِ كَمَنْ تَوَضَّأَ لمندوب إليه.
فأما الْجُنُبُ: إِذَا نَوَى الْغُسْلَ وَحْدَهُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْغُسْلَ قَدْ يَكُونُ تَارَةً عِبَادَةً وَتَارَةً غَيْرَ عِبَادَةٍ (فَصَارَ نَاوِي الطَّهَارَةِ يُجْزِئُهُ وَنَاوِي الْغُسْلِ لَا يُجْزِئُهُ) وَفِي نَاوِي الْوُضُوءِ وَجْهَانِ:
فَأَمَّا الْجُنُبُ إِذَا نَوَى بِغُسْلِهِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ أو المقام فِي الْمَسْجِدِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ الْجُنُبَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْرَأَ وَلَا أَنْ يُقِيمَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَكِنْ لَوْ نَوَى أَنْ يَمُرَّ فِي الْمَسْجِدِ عَابِرُ سَبِيلٍ كَانَ فِي صِحَّةِ غُسْلِهِ وَجْهَانِ، لِأَنَّ غُسْلَهُ لِلْمُرُورِ فِي الْمَسْجِدِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَهَكَذَا لَوْ نَوَى غُسْلَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ كَانَ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، لِأَنَّهُ غُسْلٌ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ فَلَوْ تَوَضَّأَ مُحْدِثٌ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَصَلَّاهَا ثُمَّ جَدَّدَ وَضَوْءَهُ لِلظُّهْرِ وَصَلَّاهَا ثُمَّ أحدث وقت العصر فتوضأ أو صلاها ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ غَسْلَ وَجْهِهِ فِي إِحْدَى الطَّهَارَاتِ الثَّلَاثِ، نَظَرَ فَإِنْ تَيَقَّنَ تَرْكَهُ مِنْ طَهَارَةِ الصُّبْحِ أَعَادَهَا وَلَمْ يُعِدِ الْعَصْرَ وَفِي إِعَادَةِ الظُّهْرِ وَجْهَانِ لِأَنَّهُ تَوَضَّأَ لَهَا تَجْدِيدًا لَا فَرْضًا وَإِنْ تَيَقَّنَ تَرْكَهُ مِنْ طَهَارَةِ الظُّهْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ إِعَادَتُهَا وَلَا إِعَادَةُ الصُّبْحِ قَبْلَهَا وَلَا إِعَادَةُ الْعَصْرِ بَعْدَهَا، وَكَأَنَّهُ لَمْ يُجَدِّدْ طَهَارَتَهُ لِلظُّهْرِ وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَهُ مِنْ طَهَارَةِ الْعَصْرِ أَعَادَهَا وَحْدَهَا، وَإِنْ شَكَّ وَلَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَيِّ طَهَارَةٍ تَرَكَهَا أَعَادَ الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ لِجَوَازِ أَنَّهُ تَرَكَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَفِي وُجُوبِ إِعَادَةِ الظُّهْرِ وَجْهَانِ لِأَنَّهُ تَوَضَّأَ لَهَا تَجْدِيدًا.
فَصْلٌ
وَأَمَّا الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِيمَنْ تَصِحُّ مِنْهُ النِّيَّةُ:
فَتَصِحُّ فِي أَكْمَلِ أَحْوَالِهَا مِمَّنْ قَدْ جَمَعَ ثَلَاثَةَ شُرُوطٍ الْبُلُوغَ وَالْعَقْلَ وَالْإِسْلَامَ فَإِذَا كَانَ فِي حَالِ نِيَّتِهِ لِوُضُوئِهِ أَوْ غُسْلِهِ أَوْ تَيَمُّمِهِ عَاقِلًا بَالِغًا مُسْلِمًا انْعَقَدَتْ نِيَّتُهُ وَصَحَّتْ طَهَارَتُهُ.
فَأَمَّا الصَّبِيُّ غَيْرُ الْبَالِغِ إِذَا تَوَضَّأَ فَإِنْ كَانَ طِفْلًا لا يميز فوضوءه بَاطِلٌ وَطَهَارَتُهُ عَبَثٌ لِأَنَّ النِّيَّةَ مِنْ مِثْلِهِ لَا تَصِحُّ وَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا مُمَيِّزًا صَحَّ وضوءه إِذَا نَوَى وَارْتَفَعَ حَدَثُهُ حَتَّى لَوْ بَلَغَ بَعْدَ وُضُوئِهِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ الْوُضُوءُ لَا يَخْتَلِفُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ لِصِحَّةِ قَصْدِهِ. أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ: " لَوْ أَحْرَمَ صَبِيٌّ بِصَلَاةٍ ثُمَّ بَلَغَ فِي تَضَاعِيفِهَا وَأَتَمَّهَا أَجْزَأَهُ " فَلَوْلَا صِحَّةُ نِيَّتِهِ فِي طَهَارَتِهِ وَصَلَاتِهِ وَانْعِقَادِهَا بِقَصْدِهِ لَمْ تُجْزِهِ.
وَهَكَذَا لَوْ فَعَلَ صَبِيٌّ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ مِنَ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَاغْتَسَلَ نَاوِيًا ثُمَّ بَلَغَ صَحَّ غُسْلُهُ وَارْتَفَعَتْ جَنَابَتُهُ.
وَلَكِنْ لَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ بُلُوغِهِ لِنَفْلٍ أَوْ لِفَرْضٍ ثُمَّ بَلَغَ لَمْ يُجْزِهِ أَنْ يُصَلِّيَ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ فَرْضًا بِحَالٍ لِأَنَّهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ لِفَرْضٍ فَصَارَ حِينَ تَيَمَّمَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إِلَى التَّيَمُّمِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُؤَدِّيَ بِهِ الْفَرْضَ كَمَنْ تَيَمَّمَ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَلَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ النَّفْلَ، وَأَمَّا الْمَجْنُونُ إِذَا تَوَضَّأَ فِي حَالِ جُنُونِهِ عَنْ حَدَثٍ أَوِ اغْتَسَلَ من جنابة لم يجزه وضوءه وَلَا غُسْلُهُ وَلَزِمَهُ إِعَادَةُ
1 / 97