134

الحاوي الكبير

محقق

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

الناشر

دار الكتب العلمية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٩ هجري

مكان النشر

بيروت

وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِالْإِجْمَاعِ فَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ عَلِيٍّ رضوان الله عليه أنه سئل عن تقديم الْيُسْرَى عَلَى الْيُمْنَى فَقَالَ: مَا أُبَالِي بِأَيِّ أَعْضَائِي بَدَأْتُ، وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ ﵈ أَنَّهُ قَالَ: ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ، عَلَى أَنَّ عُثْمَانَ مُخَالِفٌ وَمَعَ الْخِلَافِ يَسْقُطُ الْإِجْمَاعُ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ فَهُوَ أَنَّ جَمِيعَ الْبَدَنِ فِي الْجَنَابَةِ بِمَنْزِلَةِ الْعُضْوِ الْوَاحِدِ فِي الْوُضُوءِ وَلَيْسَ فِي الْعُضْوِ الْوَاحِدِ تَرْتِيبٌ فَكَذَلِكَ فِي بَدَنِ الْجُنُبِ وَإِنَّمَا التَّرْتِيبُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُتَغَايِرَةِ، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى فَهُوَ أَنَّ الْمَعْنَى فِي الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى أَنَّهُمَا كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ لِانْطِلَاقِ اسْمِ الْيَدِ عَلَيْهِمَا، وَأَنَّ تَخْرِيقَ أحد الخفين جاز في المنع من المسح مجزى تَخْرِيقِهِمَا فَلَمَّا سَقَطَ التَّرْتِيبُ فِي الْعُضْوِ الْوَاحِدِ سَقَطَ فِي الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْأَعْضَاءُ الْمُتَغَايِرَةُ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِالْمُحْدِثِ إِذَا اغْتَسَلَ فَهُوَ أَنَّ أَصْحَابَنَا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي سُقُوطِ التَّرْتِيبِ عَنْهُ إِذَا اغْتَسَلَ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي أَعْضَاءِ طَهَارَتِهِ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ فِي غُسْلِهِ فَعَلَى هَذَا سَقَطَ السُّؤَالُ، وَقَالَ جُمْهُورُهُمْ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ التَّرْتِيبَ يَسْقُطُ إِذَا اغْتَسَلَ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ طَهَارَتَانِ مِنْ جِنْسٍ. فَإِحْدَاهُمَا كُبْرَى وَهِيَ الْغُسْلُ وَالتَّرْتِيبُ فِيهَا غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ وَالْأُخْرَى صُغْرَى وَهِيَ الْوُضُوءُ وَالتَّرْتِيبُ فِيهَا مُسْتَحَقٌّ، ثُمَّ جَعَلَ لَهُ رَفْعَ حَدَثِهِ بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى سُقُوطِ التَّرْتِيبِ فِيهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَصْلٌ)
: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ التَّرْتِيبَ مُسْتَحَقٌّ فَخَالَفَ وَنَكَّسَ وُضُوءَهُ أَجْزَأَهُ مِنْهُ غَسْلُ وَجْهِهِ وَحْدَهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ غَسْلَ مَا بَعْدَهُ، فَلَوْ نَكَّسَ وُضُوءَهُ أَرْبَعَ مِرَارٍ صَحَّ لَهُ مِنْهَا وُضُوءٌ كَامِلٌ، لِأَنَّهُ يُعِيدُ بِالْمَرَّةِ الْأَوْلَى بِالْوَجْهِ.
وَفِي الثَّانِيَةِ: بِالذِّرَاعَيْنِ.
وَفِي الثَّالِثَةِ: بِالرَّأْسِ.
وَفِي الرَّابِعَةِ: بِالرِّجْلَيْنِ، فَلَوْ رَتَّبَ الْوَجْهَ وَالذِّرَاعَيْنِ وَقَدَّمَ الرِّجْلَيْنِ عَلَى الرَّأْسِ أَعَادَ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ لِيَكُونَ غَسْلُهُمَا بَعْدَ الرَّأْسِ، وَلَوْ نَسِيَ أَحَدَ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ اسْتَأْنَفَ وُضُوءَهُ كُلَّهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَتْرُوكُ غَسْلَ وَجْهِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْتَهِدَ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي عَدَدِ مَا صَلَّى إِذَا شَكَّ، فَلَوْ تَرَكَ الْمُتَوَضِّئُ مَوْضِعًا مِنْ وَجْهِهِ غَسَلَهُ مِنْ وَجْهِهِ وَأَعَادَ غَسْلَ

1 / 142