الحاوي الكبير
محقق
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩ هجري
مكان النشر
بيروت
يَكُونَ خَبَرُ الْوَاحِدِ تَقْلِيدًا لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ التَّسْلِيمُ لِقَوْلِهِ إِلَّا بَعْدَ الِاجْتِهَادِ فِي عَدَالَتِهِ فَصَارَ قَوْلُهُ مَقْبُولًا بِدَلِيلٍ، وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُوَ خَطَأٌ، لِأَنَّ عَدَالَةَ الْمُخْبِرِ لَيْسَتْ بِدَلِيلٍ عَلَى صِحَّةِ الْخَبَرِ كَمَا لَا يكون عَدَالَةُ الْعَالِمِ دَلِيلًا عَلَى صِحَّةِ فَتْوَاهُ، وَإِنَّمَا الدَّلِيلُ مَا اخْتَصَّ بِالْقَوْلِ الْمَقْبُولِ مِنْ خَبَرٍ أو حكم مَا اخْتَصَّ بِالْقَائِلِ مِنْ عَدَالَةٍ وَصِدْقٍ.
وَأَمَّا مَا اخْتَلَفَ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمُقَلِّدِ وَالْمُقَلَّدِ فَالْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي تَنْقَسِمُ إِلَى تَحْلِيلٍ وَتَحْرِيمٍ وَإِبَاحَةٍ وَحَظْرٍ وَاسْتِحْبَابٍ وَكَرَاهِيَةٍ وَوُجُوبٍ وَإِسْقَاطٍ، فَالتَّقْلِيدُ فِيهَا مختلف باختلاف أحوال الناس من فهم آلَةِ الِاجْتِهَادِ الْمُؤَدِّي إِلَيْهِ أَوْ عَدَمِهِ، لِأَنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ مِنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَلَوْ مُنِعَ جَمِيعُ النَّاسِ مِنَ التَّقْلِيدِ وَكُلِّفُوا الِاجْتِهَادَ لَتَعَيَّنَ فَرْضُ الْعِلْمِ عَلَى الْكَافَّةِ، وَفِي هَذَا حَلُّ نِظَامٍ وَفَسَادٌ، وَلَوْ جَازَ لِجَمِيعِهِمُ الِاجْتِهَادُ لَبَطَلَ الِاجْتِهَادُ، وَسَقَطَ فَرْضُ الْعِلْمِ،
1 / 20