الحاوي الكبير

الماوردي ت. 450 هجري
112

الحاوي الكبير

محقق

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٩ هجري

مكان النشر

بيروت

أَحَدُهَا: أَنْ يَمْسَحَ أَصْلَ الْجُمَّةِ النَّابِتَةِ عَلَى الرأس فيجزيه سَوَاءٌ وَصَلَ بَلَلُ الْمَسْحِ إِلَى الْبَشَرَةِ أَمْ لَا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَا جُمَّةٍ فمسح طرف شعره النابت أجزأه. والحالة الثَّانِيَةُ: أَنْ يَمْسَحَ عَلَى أَطْرَافِ الْجُمَّةِ وَأَهْدَابِ الشعر الخارج عن حد الرأس فلا يجزيه لِأَنَّ الرَّأْسَ اسْمٌ لِمَا عَلَا فَكَانَ الْمُسْتَرْسِلُ مِنْهُ لَا يُسَمَّى رَأْسًا فَلَمْ يُجْزِئْهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَهَكَذَا لَوْ عَقَصَ أَطْرَافَ شَعْرِهِ الْمُسْتَرْسِلِ وَشَدَّهُ فِي وَسَطِ رَأْسِهِ وَمَسَحَ عَلَيْهِ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ حَائِلًا دُونَ الرَّأْسِ كَالْمَسْحِ على العمامة. والحالة الثَّالِثَةُ: أَنْ يَمْسَحَ مِنْ شَعْرِ جُمَّتِهِ مَوْضِعًا لَا يَخْرُجُ عَنْ مَنَابِتِ رَأْسِهِ وَلَا يَتَجَاوَزُ حده ففي إجزائه وجهان: أحدها: لَا يَجُوزُ لِاسْتِرْسَالِهِ كَمَا لَوْ مَسَحَ الْمُسْتَرْسِلَ الْخَارِجَ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أصح أن يجزيه لِأَنَّهُ مَسَحَ شَعْرًا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ فَصَارَ كَمَسْحِهِ أُصُولَ شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللَّهُ أعلم. (مسألة: القول في مسح الأذنين) قال الشافعي ﵁: وَيَمْسَحُ أُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا بماءٍ جديدٍ وَيُدْخِلُ أُصْبَعَيْهِ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ سُنَّةٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ: مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ وَاجِبٌ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ َ - مَسَحَ أُذُنَيْهِ حِينَ تَوَضَّأَ، وَعِنْدَهُ أَنَّ أَفْعَالَ النبي ﷺ َ - عَلَى الْوُجُوبِ مَا لَمْ يَصِرْ فِيهَا دَلِيلٌ. وَدَلِيلُنَا مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ َ - أَنَّهُ قَالَ: " لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ امْرِئٍ حَتَّى يَضَعَ الْوُضُوءَ مَوَاضِعَهُ، فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ، وَيَمْسَحَ بِرَأْسِهِ وَيَغْسِلَ رِجْلَيْهِ " فَلَمَّا اقْتَصَرَ بِمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ عَلَى الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ انْتَفَى وُجُوبُ مَا عَدَاهَا وَهَذَا مُخَصَّصٌ لِفِعْلِ النَّبِيِّ ﷺ َ - أَنَّهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، لَوْ كَانَتْ أَفْعَالُهُ دَلِيلًا عَلَى الْإِيجَابِ فَكَيْفَ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهَا. فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَسْحَ الْأُذُنَيْنِ سُنَّةٌ قَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِمَا هَلْ هُمَا مِنَ الرَّأْسِ أَوْ مِنَ الْوَجْهِ عَلَى أَرْبَعَةِ مَذَاهِبَ:

1 / 120