الحق الأبلج في دحض شبهات مفهوم البدعة للعرفج
الناشر
دار الإمام مسلم للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٨ هـ
تصانيف
لانقطاع الوحي، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وهكذا جمع القرآن، فإن المانع من جمعه على عهد رسول الله ﷺ كان أن الوحي كان لا يزال ينزل، فيغير الله ما يشاء ويحكم ما يريد، فلو جمع في مصحف واحد لتعسر أو تعذر تغييره كل وقت، فلما استقر القرآن بموته ﷺ واستقرت الشريعة بموته ﷺ أمن الناس من زيادة القرآن ونقصه، وأمنوا من زيادة الإيجاب والتحريم، والمقتضي للعمل قائم بسنته ﷺ، فعمل المسلمون بمقتضى سنته، وذلك العمل من سنته، وإن كان يسمى في اللغة بدعة» (^١).
وعلى كلا الاحتمالين؛ فإن الحال بعد وفاة رسول الله ﷺ تغيرت عن الحال قبل وفاته، إما بزوال مانع أو وجود مقتض، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «بخلاف ما كان تركه لعدم مقتض، أو فوات شرط، أو وجود مانع، وحدث بعده من المقتضيات والشروط وزوال المانع، ما دلت الشريعة على فعله حينئذ، كجمع القرآن في المصحف، وجمع الناس في التراويح على إمام واحد، وتعلم العربية، وأسماء النقلة للعلم وغير ذلك مما يحتاج إليه في الدين، بحيث لا تتم الواجبات أو المستحبات الشرعية إلا به، وإنما تركه ﷺ لفوات شرطه أو وجود مانع» (^٢).
قال الشاطبي: «أن أصحاب رسول الله ﷺ اتفقوا على جمع القرآن في المصحف، وليس ثَمَّ نصٌّ على جمعه وكتبه أيضًا، بل قد قال بعضهم: كيف
_________
(^١) اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٩٧).
(^٢) القواعد النورانية (ص: ١٥٠).
1 / 50