الحديث في علوم القرآن والحديث
الناشر
دار السلام
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٥هـ - ٢٠٠٤م
مكان النشر
الإسكندرية
تصانيف
ومن أمثلته أيضا ما أخرجه ابن مردويه وابن أبي حاتم من طريق ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس قال: خرج أمية بن خلف وأبو جهل بن هشام ورجال من قريش فأتوا رسول الله ﷺ فقالوا: يا محمد تعال فتمسح بآلهتنا وندخل معك في دينك وكان يحب إسلام قومه فرقّ لهم، فأنزل الله وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ [سورة الإسراء آية: ٧٣].
وأخرج ابن مردويه من طريق العوفي، عن ابن عباس أن ثقيفا قالوا للنبي ﷺ: أجّلنا سنة حتى يهدى لآلهتنا فإذا قبضنا الذي يهدى لها أحرزناه ثم أسلمنا فهمّ أن يؤجلهم فنزلت.
هذا يقتضي نزولها بالمدينة وإسناده ضعيف، والأول يقتضي نزولها بمكة، وإسناده حسن وله شاهد عند أبي الشيخ عن سعيد بن جبير يرتقي به إلى درجة الصحيح فهو المعتمد.
٤ - أن يستوي الإسنادان في الصحة فيرجح أحدهما بكون روايه حاضر القصة أو نحو ذلك من وجوه الترجيحات.
مثاله: ما أخرجه البخاري عن ابن مسعود قال: كنت أمشي مع النبي ﷺ بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم: لو سألتموه.
فقالوا: حدثنا عن الروح فقام ساعة ورفع رأسه فعرفت أنه الوحي يوحي إليه حتى صعد الوحي ثم قال: قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [سورة الإسراء آية: ٨٥].
وأخرج الترمذي وصححه عن ابن عباس قال: قالت قريش لليهود: أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل فقالوا: اسألوه عن الروح فسألوه فأنزل الله: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ الآية. فهذا يقتضي أنها نزلت بمكة والأول خلافه وقد رجح بأن ما رواه البخاري أصح من غيره وبأن ابن مسعود كان حاضر القصة.
٥ - أن يمكن نزولها عقيب السببين أو الأسباب المذكورة بأن لا تكون معلومة التباعد.
مثاله: ما أخرجه البخاري من طريق عكرمة، عن ابن عباس، أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي ﷺ بشريك بن سحماء، فقال النبي ﷺ: «البينة أو حد في ظهرك» فقال يا رسول الله: إذا رأى أحدنا مع امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة فأنزل عليه وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ حتى بلغ إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ [سورة النور آية: ٦ - ٩].
وأخرج الشيخان عن سهل بن سعد قال: جاء عويمر إلى عاصم بن عدي فقال:
اسأل رسول الله ﷺ أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتله أيقتل به أم كيف يصنع؟
فسأل عاصم رسول الله ﷺ، فعاب السائل، فأخبر عاصم عويمرا، فقال: والله لآتين
1 / 50