الغياثي غياث الأمم في التياث الظلم
محقق
عبد العظيم الديب
الناشر
مكتبة إمام الحرمين
الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠١ هجري
تصانيف
الفقه الشافعي
١١٩ - فَأَمَّا الصِّفَةُ الثَّالِثَةُ الَّتِي ضَمِنَّا ضَمَّهَا إِلَى الْفَضَائِلِ الْمُكْتَسَبَةِ، فَهِيَ ضَمُّ تَوَقُّدِ الرَّأْيِ فِي عَظَائِمِ الْأُمُورِ، وَالنَّظَرِ فِي مَغَبَّاتِ الْعَوَاقِبِ، وَهَذِهِ الصِّفَةُ يُنْتِجُهَا نَحِيزَةُ الْعَقْلِ، وَيُهَذِّبُهَا التَّدْرِيبُ فِي طُرُقِ التَّجَارِبِ.
١١٩ - وَالْغَرَضُ الْأَعْظَمُ مِنَ الْإِمَامَةِ جَمْعُ شَتَاتِ الرَّأْيِ، وَاسْتِتْبَاعُ رَجُلٍ أَصْنَافَ الْخَلْقِ عَلَى تَفَاوُتِ إِرَادَتِهِمْ، وَاخْتِلَافِ أَخْلَاقِهِمْ وَمَآرِبِهِمْ وَحَالَاتِهِمْ، فَإِنَّ مُعْظَمَ الْخَبَالِ وَالِاخْتِلَالِ يَتَطَرَّقُ إِلَى الْأَحْوَالِ مِنِ اضْطِرَابِ الْآرَاءِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنِ النَّاسُ مَجْمُوعِينَ عَلَى رَأْيٍ وَاحِدٍ، لَمْ يَنْتَظِمْ تَدْبِيرٌ، وَلَمْ يَسْتَتِبَّ مِنْ إِيَالَةِ الْمُلْكِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، وَلَاصْطُلِمَتِ الْحَوْزَةُ، وَاسْتُؤْصِلَتِ الْبَيْضَةُ، وَلْيَعْتَبِرِ الْعَاقِلُ ذَلِكَ بِمَلِكٍ مُطَاعٍ بَيْنَ أَتْبَاعٍ، مَحْفُوفٍ بِجُنُودٍ، وَخَفْقِ بُنُودٍ وَأَشْيَاعٍ، إِذَا اخْتُطِفَ الْمَلِكُ بَغْتَةً، وَفَاجَأَتْهُ الْمَنِيَّةُ فَلْتَةً. فَلْيَنْظُرْ كَيْفَ تَنْفَضُّ الْجُمُوعُ، وَيَصِيرُونَ عِبْرَةَ أَسْمَاعٍ وَأَبْصَارٍ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي خِطَّةِ الْإِسْلَامِ
1 / 89