320

الغياثي غياث الأمم في التياث الظلم

محقق

عبد العظيم الديب

الناشر

مكتبة إمام الحرمين

الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠١ هجري

وَآثَرَ التَّقَاعُدَ، وَالِاسْتِخْلَاءَ لِعِبَادَةِ اللَّهِ [﷿] مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَا يَسُدُّ أَحَدٌ مَسَدَّهُ - كَانَ ذَلِكَ عِنْدِي مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، وَأَعْظَمِ الْجَرَائِرِ، وَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ انْصِرَافَهُ وَانْحِرَافَهُ سَلَامَةٌ، كَانَ مَا حَسِبَهُ بَاطِلًا قَطْعًا، وَالْقِيَامُ بِهَذَا الْخَطْبِ الْعَظِيمِ إِذَا كَانَ فِي النَّاسِ كُفَاةٌ فِي حُكْمِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ، فَإِذَا اسْتَقَلَّ بِهِ وَاحِدٌ، سَقَطَ الْفَرْضُ عَنِ الْبَاقِينَ.
وَإِذَا تَوَحَّدَ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ صَارَ الْقِيَامُ بِهِ فَرْضَ عَيْنٍ.
وَسَنَعُودُ إِلَى تَقْرِيرِ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ، وَنَأْتِي بِالْعَجَبِ الْعُجَابِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ ﷿.
٤٦٦ - ثُمَّ إِنِ اجْتَنَبَ وَتَنَكَّبَ، وَلَمْ يَدْعُ إِلَى نَفْسِهِ، لَمْ يَصِرْ بِنَفْسِ اسْتِحْقَاقِهِ إِمَامًا، بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ أَجْمَعِينَ.
فَهَذَا بَيَانُ الْمُرَادِ فِيهِ إِذَا اسْتَوْلَى مَنْ هُوَ صَالِحٌ لِلْإِمَامَةِ، وَكَانَ فَرِيدَ الدَّهْرِ فِي اسْتِحْقَاقِ هَذَا الْمَنْصِبِ.
[الحكم إذا كان المستولي الصالح غير متوحد]
٤٦٧ - فَلَوِ اشْتَمَلَ الزَّمَانُ عَلَى طَائِفَةِ صَالِحِينَ لِلْإِمَامَةِ فَاسْتَوْلِي وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى الْبِلَادِ وَالْعِبَادِ، عَلَى قَضِيَّةِ الِاسْتِبْدَادِ، مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ وَعَقْدٍ، وَكَانَ الْمُسْتَظْهِرُ بِحَيْثُ لَوْ صَادَفَهُ عَقْدٌ مُخْتَارٌ، لَانْعَقَدَتْ لَهُ الْإِمَامَةُ. فَهَذَا الْقِسْمُ قَدْ يَعْسُرُ تَصَوُّرُهُ.

1 / 324