الغياثي غياث الأمم في التياث الظلم
محقق
عبد العظيم الديب
الناشر
مكتبة إمام الحرمين
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠١ هجري
تصانيف
الفقه الشافعي
٣٥٩ - وَالَّذِي أَقْطَعُ بِهِ أَنَّ الْحَاجَاتِ إِذَا انْسَدَّتْ، فَاسْتَمْكَنَ الْإِمَامُ مِنْ الِاسْتِظْهَارِ بِالِادِّخَارِ، فَحَتْمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَلَسْتُ أَرَى ذَلِكَ مِنْ مَسَائِلِ التَّحَرِّي الَّتِي تَتَقَابَلُ فِيهَا مَسَالِكُ الظُّنُونِ.
وَالدَّلِيلُ الْقَاطِعُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الِاسْتِظْهَارَ بِالْجُنُودِ وَالْعَسْكَرِ الْمَعْقُودَ عِنْدَ التَّمَكُّنِ حَتْمٌ، وَإِنْ بَعُدَ الْكُفَّارُ، وَتَقَاصَتِ الدِّيَارُ، لِأَنَّ الْخِطَّةَ إِذَا خَلَتْ عَنْ نَجْدَةٍ مُعَدَّةٍ، لَمْ نَأْمَنِ الْحَوَادِثَ وَالْبَوَائِقَ وَالْآفَاتِ وَالطَّوَارِقَ، وَإِذَا ارْتَبَطَ النَّظَرُ بِالْأَمْرِ الْكُلِّيِّ، وَآلَ الْخَوْفُ وَالِاسْتِشْعَارُ إِلَى الْبَيْضَةِ وَالْحَوْزَةِ، فَقَدْ عَظُمَ الْخَطَرُ، وَتَفَاقَمَ الْغَرَرُ، وَصَعُبَ مَوْقِعُ تَقْدِيرِ الزَّلَلِ وَالْخَطَلِ، وَإِذَا كَانَ الِاسْتِظْهَارُ بِالْجُنُودِ مَحْتُومًا، فَلَا مُعَوَّلَ عَلَى مَمْلَكَةٍ لَا مُعْتَضَدَ، وَلَا مُسْتَنَدَ لَهَا مِنَ الْأَمْوَالِ، فَإِنَّهَا شَوْفُ الرِّجَالِ، وَمُرْتَبَطُ الْآمَالِ، وَمَنْ أَلِفَ مَبَادِئَ النَّظَرِ فِي تَصَارِيفِ الْأَحْوَالِ فِي الْإِيَالَاتِ، لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ مَدْرَكُ الْحَقِّ فِي هَذَا الْمَقَالِ.
وَإِذَا كَانَ مَنْصِبُ الْإِمَامِ الْقَوَّامِ عَلَى طَبَقَاتِ الْأَنَامِ مُقْتَضِيًا أَنْ يَتَحَرَّى الْأَصْلَحَ فَالْأَصْلَحَ، فَكَيْفَ يَلِيقُ بِنَظَرِ ذِي تَحْقِيقٍ أَنْ
1 / 250