الغياثي غياث الأمم في التياث الظلم
محقق
عبد العظيم الديب
الناشر
مكتبة إمام الحرمين
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠١ هجري
تصانيف
الفقه الشافعي
بِصَفْوَةِ الْإِسْلَامِ، وَكَانَ يَكْفِي فِي رَدْعِهِمُ التَّنْبِيهُ الْيَسِيرُ وَالْمِقْدَارُ الْقَرِيبُ مِنَ التَّعْزِيرِ، وَأَمَّا الْآنَ، فَقَدْ قَسَتِ الْقُلُوبُ، وَبَعُدَتِ الْعُهُودُ، وَوَهَنَتِ الْعُقُودُ، وَصَارَ مُتَشَبَّثَ عَامَّةِ الْخَلْقِ الرَّغَبَاتُ وَالرَّهَبَاتُ، فَلَوْ وَقَعَ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعُقُوبَاتِ، لَمَا اسْتَمَرَّتِ السِّيَاسَاتُ.
٣٢٣ - وَهَذَا الْفَنُّ قَدْ يَسْتَهِينُ بِهِ الْأَغْبِيَاءُ، وَهُوَ عَلَى الْحَقِيقَةِ تَسَبُّبٌ إِلَى مُضَادَّةِ مَا ابْتُعِثَ بِهِ سَيِّدُ الْأَنْبِيَاءِ.
وَعَلَى الْجُمْلَةِ مَنْ ظَنَّ أَنَّ الشَّرِيعَةَ تُتَلَقَّى مِنِ اسْتِصْلَاحِ الْعُقَلَاءِ، وَمُقْتَضَى رَأْيِ الْحُكَمَاءِ، فَقَدْ رَدَّ الشَّرِيعَةَ، وَاتَّخَذَ كَلَامَهُ هَذَا إِلَى رَدِّ الشَّرَائِعِ ذَرِيعَةً.
وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ، لَسَاغَ رَجْمُ مَنْ لَيْسَ مُحْصَنًا إِذَا زَنَا فِي زَمَنِنَا هَذَا لِمَا خَيَّلَهُ هَذَا الْقَائِلُ، وَلَجَازَ الْقَتْلُ بِالتُّهَمِ فِي الْأُمُورِ الْخَطِيرَةِ، وَلَسَاغَ إِهْلَاكُ مَنْ يَخَافُ غَائِلَتَهُ فِي بَيْضَةِ الْإِسْلَامِ، إِذَا ظَهَرَتِ الْمَخَايِلُ وَالْعَلَامَاتُ، وَبَدَتِ الدَّلَالَاتُ، وَلَجَازَ الِازْدِيَادُ عَلَى مَبَالِغِ الزَّكَوَاتِ عِنْدَ ظُهُورِ الْحَاجَاتِ.
1 / 220