188

الغياثي غياث الأمم في التياث الظلم

محقق

عبد العظيم الديب

الناشر

مكتبة إمام الحرمين

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠١ هجري

يَنْهَوْنَ عَنِ التَّعَرُّضِ لِلْغَوَامِضِ، وَالتَّعَمُّقِ فِي الْمُشْكِلَاتِ، وَالْإِمْعَانِ فِي مُلَابَسَةِ الْمُعْضِلَاتِ، وَالِاعْتِنَاءِ بِجَمْعِ الشُّبُهَاتِ، وَتَكَلُّفِ الْأَجْوِبَةِ عَمَّا لَمْ يَقَعْ مِنَ السُّؤَالَاتِ، وَيَرَوْنَ صَرْفَ الْعِنَايَةِ إِلَى الِاسْتِحْثَاثِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَكَفِّ الْأَذَى، وَالْقِيَامِ بِالطَّاعَةِ حَسَبِ الِاسْتِطَاعَةِ، وَمَا كَانُوا يَنْكَفُّونَ ﵃ عَمَّا تَعَرَّضَ لَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ عَنْ عَيٍّ وَحَصْرٍ، وَتَبَلُّدٍ فِي الْقَرَائِحِ. هَيْهَاتَ، قَدْ كَانُوا أَذْكَى الْخَلَائِقِ أَذْهَانًا، وَأَرْجَحَهُمْ بَيَانًا، وَلَكِنَّهُمُ اسْتَيْقَنُوا أَنَّ اقْتِحامَ الشُّبُهَاتِ دَاعِيَةُ الْغِوَايَاتِ، وَسَبَبُ الضَّلَالَاتِ، فَكَانُوا يُحَاذِرُونَ فِي حَقِّ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ مَا هُمُ الْآنَ بِهِ مُبْتَلُونَ، وَإِلَيْهِ مَدْفُوعُونَ. فَإِنْ أَمْكَنَ حَمْلُ الْعَوَامِّ عَلَى ذَلِكَ، فَهُوَ الْأَسْلَمُ، وَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " «سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، النَّاجِي مِنْهَا وَاحِدَةٌ» " فَاسْتَوْصَفَهُ الْحَاضِرُونَ الْفِرْقَةَ النَّاجِيَةَ فَقَالَ: «هُمُ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي» . وَنَحْنُ عَلَى قَطْعٍ وَاضْطِرَارٍ مِنْ عُقُولِنَا نَعْلَمُ أَنَّهُمْ مَا كَانُوا يَرَوْنَ الْخَوْضَ فِي الدَّقَائِقِ، وَمَضَايِقِ الْحَقَائِقِ، وَلَا كَانُوا يَدْعُونَ إِلَى التَّسَبُّبِ إِلَيْهَا، بَلْ كَانُوا يَشْتَدُّونَ عَلَى مَنْ يَفْتَتِحُ الْخَوْضَ فِيهَا.

1 / 191