الفتاوى - محمد الأمين الشنقيطي
محقق
سليمان بن عبد الله العمير
الناشر
دار عطاءات العلم (الرياض)
رقم الإصدار
الخامسة
سنة النشر
١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
مكان النشر
دار ابن حزم (بيروت)
تصانيف
القلوب هي التي يعقل بها، وما ذلك إلَّا لأنها محل العقل كما ترى، ثم أكَّد ذلك تأكيدًا لا يترك شبهة ولا لبسًا فقال تعالى: ﴿وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: ٤٦]، فتأمل قوله: ﴿الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ تفهم ما فيه من التأكيد والإيضاح، ومعناه: أن القلوب التي في الصدور هي التي تعمى إذا سلب الله منها نور العقل، فلا تميز بعد عماها بين الحق والباطل، ولا بين الحسن والقبيح، ولا بين النافع والضار، وهو صريح (بأن) [١] الذي يميز به كل ذلك وهو (^١) العقل ومحله القلب.
وقال تعالى: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩)﴾ [الشعراء: ٨٩]، ولم يقل: بدماغ سليم، وقال تعالى: ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ الآية [البقرة: ٧] ولم يقل: على أدمغتهم، وقال تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ﴾ الآية [الكهف: ٥٧]، ومفهوم مخالفة الآية أنه لو لم يجعل الأكنة على قلوبهم لفقهوه بقلوبهم؛ وذلك لأن محل العقل القلب كما ترى، ولم يقل: إنا جعلنا على أدمغتهم أكنة أن يفقهوه.
وقال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ﴾ الآية [ق: ٣٧]، ولم يقل: لمن كان له دماغ.
وقال تعالى: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾ الآية [البقرة: ٧٤]، ولم يقل: ثم قست أدمغتكم، وكون القلب إذا قسا لم يطع صاحبُه اللهَ، وإذا لان أطاع الله، دليلٌ على أن المميز الذي تراد به الطاعة والمعصية محله القلب كما ترى، وهو العقل.
وقال تعالى: ﴿فَوَيلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ الآية [الزمر: ٢٢]،
_________
(^١) هكذا في الأصل: "وهو" ولعل الصواب: "هو".
قال معد الكتاب للشاملة: في (أ): هو.
[١] قال معد الكتاب للشاملة: في (أ): في أن.
1 / 26