الذخر الحرير بشرح مختصر التحرير
محقق
وائل محمد بكر زهران الشنشوري
الناشر
(المكتبة العمرية - دار الذخائر)
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤١ هـ - ٢٠٢٠ م
مكان النشر
القاهرة - مصر
تصانيف
جهةِ التَّبجيلِ والتَّعظيمِ، سواءٌ تَعَلَّقَ بنعمةٍ أم (^١) لا.
وعُرفًا: فِعلٌ يُنْبِئُ عن تعظيمِ المُنْعِمِ بسببِ كَوْنِه مُنْعِمًا على الحامدِ أو غيرِه، سواءٌ كانَ باللِّسانِ، أم بالجِنانِ، أم بالأركانِ، و«الـ» في «الحمدِ» للاستغراقِ، كما عليه الجمهورُ (^٢).
وقولُه: (الَّذِي هُوَ كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ) اعتِرافٌ بالعَجزِ عنِ الثَّناءِ، ورَدٌّ إلى المُحيطِ عِلْمُه بكلِّ شيءٍ جُملةً وتفصيلًا.
(فَالعَبْدُ لَا يُحْصي ثَنَاءً عَلَى رَبِّهِ) أي: لا يُطِيقُه، وَلَا يَبْلُغُه، وَلَا يَنتهي غايتَه؛ لقولِه تَعالى: ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ (^٣) أي: تُطِيقُوه، ولأنَّ وَصْفَ الواصفِ بحَسَبِ ما يُمْكِنُه إدراكُه مِن الموصوفِ، واللهُ تَعالى أكبَرُ مِن أنْ تُدرَكَ حقائقُ صفاتِه كما هي، ﷿: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ (^٤).
وابْتَدَأَ كتابَه بالبَسملةِ، ثمَّ بالحَمدلةِ؛ تَبَرُّكًا وتأسِّيًا بكتابِ اللهِ، وعملًا بالأخبارِ الواردةِ في ذلك (^٥)، وأَعْقَبَ الحمدَ بالصَّلاةِ بقولِه:
_________
(^١) في (ع): أو.
(^٢) قال علاءُ الدِّينِ في «كشف الأسرارِ شرح أصولِ البَزْدَوِيِّ» (١/ ٤): لاستغراقِ الجنسِ عندَ أهلِ السُّنَّةِ على ما عُرِفَ، أي: الحمدُ كلُّه للهِ. وفي (٢/ ١٤): قال أهلُ السُّنَّةِ بأجمعِهم: إنَّ اللَّامَ في قولِه تَعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ لاستغراقِ الجنسِ، فقالوا: معناه جميعُ المحامدِ للهِ تَعالى. اهـ
قُلْتُ: وفيه إشارةٌ إلى ما عندَ المعتزلةِ مِن أنَّ الحمْدَ بعضُه للعبدِ وَليس كلُّه للهِ تَعالى، بناءً على أنَّ العبدَ مُوجِدٌ لأفعالِه بالاستقلالِ.
(^٣) المُزَّمِّلُ: ٢٠.
(^٤) الشُّورى: ١١.
(^٥) أمَّا البسملةُ، فالخبرُ فيها ضعيفٌ، رواه الخَطيبُ في «الجامع لأخلاقِ الرَّاوي وآدابِ السَّامعِ» (١٢١٠) من حديث أبي هُرَيْرَةَ. وضعَّفَه ابنُ حَجَرٍ في «فتح الباري» (٨/ ٢٢٠).
وأمَّا الحمدلةُ فرواه أبو داودَ (٤٨٤٠)، والنَّسائيُّ (١٠٢٥٥)، وابنُ ماجه (١٨٩٤)، وحسَّنَه الحافظُ ابنُ حجرٍ في «نتائج الأفكارِ» (٣/ ٢٧٧).
1 / 46