البرهان في وجوه البيان

ابن وهب الكاتب ت. 336 هجري
69

البرهان في وجوه البيان

محقق

د. حفني محمد شرف (أستاذ البلاغة، والنقد الأدبي المساعد - كلية دار العلوم، جامعة القاهرة)

الناشر

مكتبة الشباب (القاهرة)

مكان النشر

مطبعة الرسالة

تصانيف

والوالدة إنما تطلب الولد ليعيش لا ليموت، لكن لما كان مصيره إلى الموت جاز أن يقال: للموت ولدته، ومثله في القرآن: ﴿وَإِذَا قَرَاتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا * وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا﴾، وذلك لأنهم كانوا عند تلاوة القرآن قد حجبوا قلوبهم عن فهمه، وصدقوا بأسماعهم عن تدبره، فجاز أن يقال على المجاز والاستعارة: إن الذي تلا ذلك عليهم جعلهم كذلك، والدليل على ما قلنا، وأن حقيقة الأمر أنهم هم الفاعلون دون غيرهم، قول الله، ﷿ في موضع آخر: ﴿وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا﴾؛ ومثل الأول قوله: ﴿وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا﴾ لأنه لما غفل عن الذكر كان بمنزلة من غفل عن الكلام فجاز، أن يقال الذي أذكره إنه إغفل قلبه، كما جاز أن يقال الذي يسأل ذلك فيبخل عليه [قد] بخله. ومن الاستعارة ما قدمنا من إنطاق الربع، وكل ما لا ينطق إذا ظهر من حاله ماشا كل النطق. ومما جاء من هذا النوع في القرآن قوله ﷿: ﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلاتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾

1 / 116