البرهان في وجوه البيان
محقق
د. حفني محمد شرف (أستاذ البلاغة، والنقد الأدبي المساعد - كلية دار العلوم، جامعة القاهرة)
الناشر
مكتبة الشباب (القاهرة)
مكان النشر
مطبعة الرسالة
تصانيف
المعاني إما أن يكون مثبتًا أو منفيًا. فالمثبت كقولك: قام زيد، والمنفي: ما قام زيد، والمستثنى من المثبت منفي، ومن المنفي مثبت.
وليس يخلو الخبر المثبت أو المنفي من أن يكون واجبًا أو ممتنعًا أو ممكنًا فالواجب مثل حرارة النار لأنها واجبة في طبعها، والممتنع مثل حرارة الثلج لأن ذلك ممتنع في طبعه، والممكن مثل قام زيد، لأنه قادر عليه جائز أن يقع منه وألا يقع.
ثم لا يخلو الخبر بعد هذا كله من أن يكون عما مضى مثل قام زيد، أو عما أنت فيه مثل قولك: قائم زيد، ولا يخلو مع ذلك من أن يكون عامًا كليًا، أو خاصًا جزئيًا، أو مهملًا. وكل ما ظهر فيه حرف العموم فهو عام كقولك: كل القوم جاءنا، وجميع المال انفقت، ومنه قوله ﷿: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ فهذا لا يجوز أن يراد به الخصوص لظهور حرف العموم فيه. وكل ما ظهر فيه حرف الخصوص فهو خاص، كقولك: بعض المال قبضت، ومن القوم من جاءنا، ومثل قول الله ﷿: ﴿وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا﴾ فهذا لا يجو أن يراد به العموم لظهور حرف الخصوص فيه. وما لم يظهر فيه حرف العموم، ولا حرف الخصوص فهو مهمل، وقد يكون عامًا [وقد] يكون خاصًا، واعتباره أن ينظر فإن كان في الأشياء الواجبة أو الممتنعة فهو عام، وإن كان لفظه واحدًا، كقول الله ﷿: ﴿بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾ لأنه من الواجب أن يكون كل واحد على نفسه بصيرة، وإن كان
1 / 95