البشارة العظمى للمؤمن بأن حظه من النار الحمى
محقق
أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني
الناشر
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
تصانيف
وفي "مسند بقي بن مخلد" بإسناد جيد، عن عائشة: "أن رجلًا تلا هذه الآية: ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾ (١) فَقَالَ: إنا لنجزى بكل عمل عملنا؟ هلكنا إذًا! فبلغ ذلك رسول الله ﷺ فَقَالَ: نعم يجزى به المؤمن في الدُّنْيَا، في نفسه، في جسده فما دونه".
وأما ما روي عن مجاهد أن الحمى في الدُّنْيَا، هو ورود جهنم يوم القيامة -فإن صح عنه- فله معنى صحيح، وهو أن ورود النار في الآخرة قد اختلف فيه الصحابة عَلَى قولين:
أحدهما: أنه المرور عَلَى الصراط، كقول ابن مسعود.
والثاني: أنه الدخول فيها، كقول ابن عباس.
فمن قال هو المرور عَلَى الصراط، فإنه يقول: إِنَّ مرور المؤمنين عَلَى الصراط بحسب إيمانهم وأعمالهم -كما صحت النصوص النبوية- فمن كمل إيمانه نجي، ولم يتأذ بالنار، ولم يسمع حسيسها، ومن نقص إيمانه، فإنه قد تخدشه (الكلاليب) (٢)، و(يتكردس) (٣) في النار بحسب ما نقص من إيمانه، ثم ينجو.
ومن قال هو دخول النار، فإنه يقول إِنَّ المؤمنين الذين كمل إيمانهم، لا يحسون بحرها بالكلية.
وفي "المسند" (٤) عن جابر مرفوعًا: "لا يبقى أحد إلا دخلها، فأما المؤمنون فتكون عليهم بردًا وسلامًا كما كانت عَلَى إبراهيم، حتى إِنَّ للنار لضجيجًا من بردهم".
وفي حديث آخر: "تقول النار للمؤمن: جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي" (٥).
_________
(١) النساء: ١٢٣.
(٢) الكلوب بالتشديد: حديدة معوجة الرأس "النهاية" (٤/ ١٩٥).
(٣) المكردس: الَّذِي جمعت يداه ورجلاه وألقي في موضع "النهاية" (٤/ ١٦٢).
(٤) (٣/ ٣٢٨ - ٣٢٩).
(٥) أخرجه الطبراني في "الكبير" (٢٢/ ٦٦٨)، والبيهقي في "الشعب" (٣٧٥)،=
2 / 378