البيهقي وموقفه من الإلهيات
الناشر
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٣ هـ/٢٠٠٢ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
من بين الفقهاء ويميز فيما يرويه ويحتج به الصحيح من السقيم، من جملة العلماء، وأرجو من الله أن يحمي سنة إمامنا المطلبي في قبول الآثار، حيث أماتها أكثر فقهاء الأمصار، بعد من مضى من الأئمة الكبار الذين جمعوا بين نوعي علم الفقه والأخبار، ثم لم يرض بعضهم بالجهل به، حتى رأيته حمل العالم به بالوقوع فيه، والإزراء به، والضحك منه، وهو مع ذلك يعظم صاحب مذهبه ويجله، ويزعم أنه لا يفارق في منصوصاته قوله، ثم لم يدع في كيفية قبول الحديث ورده طريقته، ولا يسلك فيها سيرته، لقلة معرفته بما عرف، وكثرة غفلته عما عليه وقف.
هلا نظر في كتبه ثم اعتبر باحتياطه في انتقاده لرواة خبره؟ واعتماده فيمن اشتبه عليه حاله على رواية غيره؟ فيرى سلوك مذهبه مع دلالة العقل والسمع واجبًا على كلّ من انتصب للفتيا، فإما أن يجتهد في تعلمه أو يسكت عن الوقوع فيمن يعلمه، فلا يجتمع عليه وزران، حيث فاته الأجران والله المستعان وعليه التكلان.
ثم إن بعض أصحاب الشيخ وقع إلى هذه الناحية فعرض على أجزاء ثلاثة مما أملاه من كتابه المسمى (المحيط) فسررت به، ورجوت أن يكون الأمر فيما يورده من الأخبار على طريقة من مضى من الأئمة الكبار، لائقًا بما خص به من علم الأصل والفرع، موافقًا لما ميز به من فضل العلم والورع، فإذا أوّل حديث وقع عليه بصري فيه الحديث المرفوع في النهي عن الاغتسال بالماء المشمس، فقلت في نفسي: يورده ثم يضعفه أو يصحح القول فيه. فرأيته قد أملى: "والخبر فيه ما روى مالك
1 / 74