38

البدرانية شرح المنظومة الفارضية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل

محقق

سامح جابر الحدا

الناشر

سفار لنشر نفيس الكتب والرسائل العلمية ومكتبة الإمام الذهبي للنشر والتوزيع

سنة النشر

١٤٤٠ هجري

مكان النشر

الكويت

يدل على ذلك أنه جعل نظمه - مع كثرة أبياته - على البحر الطويل، والعناية بهذا النمط من أبحر الشعر يُنبئ متذوق الأدب بمدرسة تعليميَّة أخرى(١) كانت منافسةً للمدرسة الرجزية في نظم العلوم آنذاك، وقد جعل حرف الدال المكسورة حرفاً للروي، والتي وُفق الصرصري أن يخضع أبيات منظومته (٢٧٧٤) لسلطانها.

وقد اضطر الناظم إلى ارتكاب بعض الضرورات السائغة للشعراء؛ نظراً لما توجبه طريقة عمله من نظم هذا العدد الكبير من الأبيات في صوغ المعاني الفقهية على وفق قانون الوزن والقافية، وقد اعتذر الصرصري عما وقع له من ذلك في مقدمته، حيث يقول: ((والغبيُّ يعيب ما ليس معيباً، ويبعد ما كان قريباً، حتى لو سمع في هذه القصيدة الطويلة المشتملة على المعاني الجليلة ما أبيح للشاعر من الضرورة في الأبيات اليسيرة من تكرير قافية بعد حدٍّ محدود، أو جمع على غير قياس معهود لأنكر ذلك؛ لقلة فهمه ونقص علمه)).

عناية العلماء بالنظم وثناؤهم عليه:

إنَّ كتاب ((مختصر الخرقي)) الذي هو أصل هذا النظم قد اعتنى به الحنابلة أيما اعتناء، ما بين شارح له أو واضع حواش عليه، أو ناظم لمسائله أو واضع زوائد على مسائله، أو اختصاره، أو شرح لغريب ألفاظه، وكان هذا النظم من ثمار هذه العناية، غير أن شهرة الأصل قد فاقت ما عداه من المنظومات والمختصرات عليه، فمختصر الخرقي أول متن في المذهب، فكان جلُّ اهتمام الحنابلة عليه، وأما نظم (الدرة اليتيمة) فلم أقف للحنابلة إلا على شرح ابن

(١) يعتبر ((بحر الطويل)) عند شعراء العرب رحيبَ الصدرِ طويلَ النفس، والمجال فيه أوسع للتفصيل والبيان، أكثر من غيره من بقية الأوزان، وهو مختار أصحاب الرصانة. انظر: المرشد إلى فهم أشعار العرب، لعبد الله الطيب (٤٤٣/١، ٤٥٢).

34