الأثر الثمين في نصرة عائشة ﵂ أم المؤمنين
الناشر
دار الفاروق للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
عمان
تصانيف
بَرِمَ بهم الحاضر، فَغَرَضُهم من الطَّعن بأمِّ المؤمنين ﵂، الطَّعن والتَّشكيك في السُّنَّة الَّتي روتها ونقلتها عن رسول الله ﷺ، لأنَّ الطَّعن في الرَّاوي طعنٌ في المرويِّ، والتَّشكيك في النَّاقل تشكيك في المنقول.
فأمّ المؤمنين عائشة مِن بين السَّبعة المكثرين عن النَّبيِّ ﷺ رواية، ومُسْنَدُها ﵂ يَبْلُغُ أَلْفَيْنِ وَمائَتَيْنِ وَعَشْرَةِ أَحَادِيْثَ، وانفردت عنهم بأنَّ جلَّ الأحاديث الَّتي روتها تلقَّتها عن النَّبيِّ ﷺ مشافهةً، كذلك تناولت السُّنن الفعليَّة لقربها من النَّبيِّ ﷺ وطول ملازمتها له ﷺ، حتّى قِيلَ إِنَّ رُبْعَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مَنْقُولٌ عَنْهَا ﵂.
وهؤلاء الوارثون لابن أبيّ لا يستطيعون إظهار العداوة للنَّبيِّ ﷺ مواجهة، فيجرحون عائشة ﵂ محاربة للسُّنن القوليَّة والفعليَّة الَّتي ورثتها عن رسول الله ﷺ، وبلَّغتها عنه ﷺ.
ولا يغيب أنَّ في حِرص عائشة ﵂ على الحديث، وحفظها وروايتها له وتبليغها عن النَّبيِّ ﷺ منقبة عظيمة لها، فقد كان همّها حفظ الحديث وتبليغه، فوردها النَّاس وتلقُّوه منها، وتاجروا فيه، فربح البيع، وربحت التِّجارة.
هذا وقد دعا النَّبيُّ ﷺ لمن سَمِعَ كلامَه ووعاه وبلَّغه بالنُّضرة، فقال ﷺ: " نَضَّرَ الله امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَحْفَظُ لَهُ مِنْ سَامِعٍ" (^١).
فأمّ المؤمنين عائشة ﵂ ممَّن بلَّغ عنه مَنْ غَابَ، وممَّن حظي بهذا الدُّعاء المُسْتَجَاب، وهي ممَّن امتثل قوله ﷺ:
(^١) أحمد "المسند" (ج ٤/ص ١٦٢/رقم ٤١٥٧) وإسناده صحيح.
1 / 96