الأثر الثمين في نصرة عائشة ﵂ أم المؤمنين
الناشر
دار الفاروق للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
عمان
تصانيف
فهذا يجزئ في حقِّ من سَبَقَتْ عَدَالتُهُ، والصَّحابة كلّهم عدول لا يحتاج أحدهم بعد تعديل الله لهم المطَّلع على بواطنهم وسرائرهم إلى تعديل أحد من الخلق له.
قالت عَائِشَةُ ﵂: "وَكَانَ رَسُولُ الله ﷺ يَسْأَلُ زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَالَ: يَا زَيْنَبُ، مَاذَا عَلِمْتِ، أَوْ رَأَيْتِ؟ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله، أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا، قَالَتْ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ رَسُولِ الله ﷺ، فَعَصَمَهَا اللهُ بِالْوَرَعِ، وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا؛ فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْإِفْكِ" (^١).
ويفهم مِن الرِّواية أنَّ الورع منع زينب ﵂ من الوقوع في عائشة ﵂ كما منع بقيَّة أمَّهات المؤمنين ﵅، وإنَّما اختصَّت زينب ﵂ بالذِّكر لأنَّها كانت تضاهي وتعادل عائشة ﵂ بالحظوة وعلوِّ المنزلة عند رسول الله ﷺ.
موقف أسامة بن زيد ﵁ -
ولمَّا طَالَ مكْثُ نزول الوحي، دعا رَسُولُ الله ﷺ عليًّا وأسامة ﵄ يستشيرهما في فِرَاقِ عائشة ﵂، وخصَّهما بالمشورة - فيما يتعلَّق بأهله - لمزيد اطِّلاعهما على أحواله، وعظيم محبَّته ﷺ لهما وقربهما منه، فإنَّ عليًّا تربَّى في كَنَفِ النَّبيِّ ﷺ، وأسامة بن زيد بن الحارثة، هو الحِبُّ ابن الحِبِّ، مولى رسُول الله ﷺ، أمُّه أمُّ أيمن حاضنة الرَّسول ﷺ.
فأمَّا أسامة ﵁ فأشار على رسول الله ﷺ بالبراءَة لأهله، وأنَّه لا يعلم إلّا خيرًا، تقول عائشة ﵂: "فَدَعَا رَسُولُ الله ﷺ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ
(^١) البخاري "صحيح البخاري" (م ٣/ج ٦/ص ٩) كتاب التَّفسير.
1 / 68