الأثر الثمين في نصرة عائشة ﵂ أم المؤمنين
الناشر
دار الفاروق للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
عمان
تصانيف
فلمَّا أفاقت مِنْ مرضها خرجت مع أُمِّ مِسْطَحٍ (سلمى بنت أبي رهم ﵂)، وذلك لقضاء الحاجة، وبعد الفراغ من شأنها أقبلت وأمّ مِسْطَحٍ قِبَل بيتها، فعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ في ثوبها، فقالتْ: " تَعِسَ مِسْطَحٌ! ".
ومسطح بن أثاثة ﵁ هو ابنها، وكان فقيرًا ينفق عليه أبو بكرٍ ﵁، وهو من المهاجرين الأوَّلين، وشهد بدرًا مع رسول الله ﷺ، لكنَّه ممَّن تكلَّم. فانتهرتها عائشة ﵂، وقالت لها: " أَتَسُبِّين رَجُلًا شَهِدَ بدْرًا؟! ".
وفي ذَبِّ عائشة ﵂ ودفاعها عن مِسْطَح فضيلةٌ ظاهرة لأهْلِ بَدْر؛ فليحذر الَّذين يتكلَّمون عليه لزلَّة بَدَتْ، فإنَّها قد غُفِرت، وقد ثبت أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال لِعُمَرَ ﵁ لمَّا طلب منه أن يضرب عنق حَاطِب بن أَبي بَلْتَعَة ﵁، وهو ممَّن شهد بدْرًا، قال ﷺ: " يا عمر، وَمَا يُدْرِيكَ؟ لَعَلَّ اللهَ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمْ الْجَنَّةُ " (^١) وفي رواية قال ﷺ: " إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ؟ لَعَلَّ اللهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ" (^٢)، فالذّنوب إنْ وقعت منهم تكون مقرونة بالمغفرة.
والحاصل أنَّ أمَّ مِسْطَحٍ ﵂ أخبرت عائشة ﵂ بقول أَهْل الإفْك، فازدادت مَرَضًا على مَرَضِها، فلمَّا رجعت إلى بيتها ودخل عليها رسولُ الله ﷺ، وسلَّم عليها، استأْذَنَتْ أن تأتيَ أبويها، وكانت تُريدُ أنْ تَسْتَيْقِنَ الخبر منهما، فَأَذِنَ لها النَّبيُّ ﷺ.
_________
(^١) البخاري "صحيح البخاري" (م ٤/ج ٧/ص ١٣٤) كتاب الاستئذان.
(^٢) مسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٨/ج ١٦/ص ٥٦) كتاب فضائل الصَّحابة.
1 / 62