الأثر الثمين في نصرة عائشة ﵂ أم المؤمنين
الناشر
دار الفاروق للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
عمان
تصانيف
فأبوها أبو بكر ﵁ ليس ككلِّ الآباء، فقد شابه النَّبِيَّ ﷺ في خلال محمودة
وخصال مشهودة، فإلى جانب صفة الصِّدق، وَصَفَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ في حديث الهجرة بصفات اشتهر بها النَّبيُّ ﷺ، فقد قال له مستغربًا لمَّا لقيه خارجًا في طريقه إلى الحبشة: "إِنَّ مِثْلَكَ لَا يَخْرُجُ، وَلَا يُخْرَجُ؛ فَإِنَّكَ تَكْسِبُ المعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ " (^١).
وهي نظير صفات النَّبيِّ ﷺ الَّتي وصفت بها خديجة ﵂ النَّبِيَّ ﷺ في حديث بدء الوحي حيث قالت للنَّبِيِّ ﷺ:"إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ المعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ" (^٢).
ولمّا انطلقت خديجة به ﷺ بعد ذلك إلى ابن عمِّها وَرَقَة، استبعد ﷺ أن يخرجه قومه؛ لما جمع من مكارم الأخلاق، فلمّا قال له وَرَقَةُ: " ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومُكَ، فقال رسول الله ﷺ: أومخرجيَّ هم؟! قال: نعم؛ لم يأتِ رجلٌ قطُّ بمثل ما جئت به إلّا عودي" (^٣).
ولعلَّ ابْنَ الدَّغِنَةِ استدلَّ بمكارم الأخلاق الَّتي حازها أبو بكر عَلَى أَنَّه لَا يَخْرُج. ولاعجبَ أن يجمع أبوبكر هذه الأخلاق كُلَّها، فقد كان صاحِبَ صَاحِب الخلق العظيم، الَّذي قال له ﷻ: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)﴾ [القلم]، فلم
_________
(^١) «البخاري "صحيح البخاري" (م ٢/ج ٣/ص ٥٨) كتاب الكفالة.
(^٢) «مسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ١/ج ٢/ص ٢٠٠) كتاب الإيمان. والبخاري "صحيح البخاري" (م ١/ج ١/ص ٣) كيف كان بدء الوحي.
(^٣) «المرجع السّابق.
1 / 23