الأثر الثمين في نصرة عائشة ﵂ أم المؤمنين
الناشر
دار الفاروق للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
عمان
تصانيف
فقال: ﴿فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (٣٥)﴾ [النَّحل].
ولا ريب أنَّ البَلاغَ المبين من خصائص أسلوبِ النَّبيِّ ﷺ، الَّذي أَعْجَزَ بَلاغُهُ البُلغَاءَ، وتَبَلَّدَ أَمَامه الفُصَحَاءُ؛ فقد أُوتِيَ جَوامِعَ الكَلِم، قَالَ ﷺ: "بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ " (^١).
وما مِنْ شكٍّ أنَّ الموعظة بالكلمة البليغة لها أثرها وتأثيرها حتَّى على الكافرين والمنافقين، قال تعالى: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (٦٣)﴾ [النِّساء] فالآية فيها فضل البلاغة والفصاحة.
ومع هذا لا يخلو زماننا الَّذي قلَّ فيه العلم وكثر فيه الظُّلم ممَّن رَغِبَ عن بيانه ﷺ، وزهد في بلاغه، وممَّن استحبَّ العمى على الهدى فناله في أحبِّ النَّاس إليه، ألا بِئْسَ ما قدَّمت أيديهم ليوم الحِسَاب!
وأنا أعْلمُ - وليتهم يعلمون - أنَّ أمَّ المؤمنين عائشة ﵂ شَغَلَت العُلماءَ المتقدِّمين والمتأخِّرين، وأثارت برزانة عقلها وغزارةِ علمِها إجلالَ السَّلفِ والخلف، بل لا توجد امرأةٌ بَرَزَ اسْمُها في تاريخ الإِسْلامِ والمسلمين، وحظيت باهتمام الباحثين والدَّارسين عَبْرَ القرون كما حظيت به عائشة ﵂، فهيهات أن يجود الزَّمان بمن يشقّ غبارها، أو يدنو من آثارها، فكيف باللَّحاق بها! وأين في النِّساء مثل عائشة ﵂؟! الرَّاجحة في موازين العقل، السَّابقة في ميادين الفضل؛ فلا عَجَبَ أن أسِيْرَ خَلْفَ السَّلف بِقَلْبٍ بِسِيرَتِها أَسِير.
_________
(^١) البخاريّ "صحيح البخاري" (م ٤/ج ٨/ص ٧٦) كتاب التّعبير.
1 / 18