الأسماء والصفات
محقق
عبد الله بن محمد الحاشدي
الناشر
مكتبة السوادي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٣ هجري
مكان النشر
جدة
تصانيف
العقائد والملل
١٠٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مَنْصُورٍ التَّاجِرُ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ، ثنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ، ثنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، ﵄ قَالَ: بَعَثَنِي الْعَبَّاسُ ﵁ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَتَيْتُهُ مُمْسِيًا وَهُوَ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَلَمَّا ⦗١٦٢⦘ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تَهْدِي بِهَا قَلْبِي، وَتَجْمَعُ بِهَا شَمْلِي وَتَلُمُّ بِهَا شَعَثِي، وَتَرُدُّ بِهَا أُلْفَتِي وَتُصْلِحُ بِهَا دِينِي، وَتَحْفَظُ بِهَا غَائِبِي، وَتَرْفَعُ بِهَا شَاهِدِي، وَتُزَكِّي بِهَا عَمَلِي، وَتُبَيِّضُ بِهَا وَجْهِي، وَتُلْهِمُنِي بِهَا رُشْدِي، وَتَعْصِمُنِي بِهَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ، اللَّهُمَّ أَعْطِنِي إِيمَانًا صَادِقًا، وَيَقِينًا لَيْسَ بَعْدَهُ كُفْرٌ، وَرَحْمَةً أَنَالُ بِهَا شَرَفَ كَرَامَتِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكُ الْفَوْزَ عِنْدَ الْقَضَاءِ، وَنُزُلَ الشُّهَدَاءِ، وَعَيْشَ السُّعَدَاءِ، وَمُرَافَقَةَ الْأَنْبِيَاءِ، وَالنَّصْرَ عَلَى الْأَعْدَاءِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أُنْزِلُ بِكَ حَاجَتِي وَإِنْ قَصُرَ رَأْيِي وَضَعُفَ عَمَلِي وَافْتَقَرْتُ إِلَى رَحْمَتِكَ، فَأَسْأَلُكَ يَا قَاضِيَ الْأُمُورِ، وَيَا شَافِيَ الصُّدُورِ، كَمَا تُجِيرُ بَيْنَ الْبُحُورِ أَنْ تُجِيرَنِي مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ، وَمِنْ دَعْوَةِ الثُّبُورِ، وَمَنْ فِتْنَةِ الْقُبُورِ، اللَّهُمَّ مَا قَصُرَ عَنْهُ رَأْيِي وَضَعُفَ عَنْهُ عَمَلِي وَلَنْ تَبْلُغَهُ نِيَّتِي أَوْ أُمْنِيَتِي، شَكَّ عَاصِمٌ، مِنْ خَيْرٍ وَعَدْتَهُ أَحَدًا مِنْ عِبَادِكَ، أَوْ خَيْرٍ أَنْتَ مُعْطِيهِ أَحَدًا مِنْ خَلَقِكَ، فَإِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ فِيهِ وَأَسْأَلُكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، ⦗١٦٣⦘ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هَادِينَ مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ، حَرْبًا لِأَعْدَائِكَ سِلْمًا لِأَوْلِيَائِكَ نُحِبُّ بِحُبِّكَ النَّاسَ، وَنُعَادِي بِعَدَاوَتِكَ مَنْ خَالَفَكَ مِنْ خَلْقِكَ، اللَّهُمَّ هَذَا الدُّعَاءُ وَعَلَيْكَ الْإِجَابَةُ وَهَذَا الْجَهْدُ وَعَلَيْكَ التُّكْلَانُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ اللَّهُمَّ ذَا الْحَبْلِ الشَّدِيدِ، وَالْأَمْرِ الرَّشِيدِ، أَسْأَلُكَ الْأَمْنَ يَوْمَ الْوَعِيدِ وَالْجَنَّةَ يَوْمَ الْخُلُودِ مَعَ الْمُقَرَّبِينَ الشُّهُودِ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ، الْمُوفِينَ بِالْعُهُودِ، إِنَّكَ رَحِيمٌ وَدُودٌ، وَأَنْتَ تَفْعَلُ مَا تُرِيدُ، سُبْحَانَ الَّذِي يَعْطِفُ بِالْعِزِّ وَقَالَ بِهِ، سُبْحَانَ الَّذِي لَبِسَ الْمَجْدَ وَتَكَرَّمَ بِهِ، سُبْحَانَ الَّذِي لَا يَنْبَغِي التَّسْبِيحُ إِلَّا لَهُ، سُبْحَانَ ذِي الْفَضْلِ وَالنِّعَمِ، سُبْحَانَ ذِي الْقُدْرَةِ وَالْكَرَمِ، سُبْحَانَ الَّذِي أَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ بِعِلْمِهِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي نُورًا فِي قَلْبِي، وَنُورًا فِي قَبْرِي، وَنُورًا فِي سَمْعِي وَنُورًا فِي بَصَرِي وَنُورًا فِي شَعْرِي وَنُورًا فِي بَشَرِي وَنُورًا فِي لَحْمِي وَنُورًا فِي دَمِي وَنُورًا فِي عِظَامِي وَنُورًا مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَنُورًا مِنْ خَلْفِي وَنُورًا عَنْ يَمِينِي وَنُورًا عَنْ شِمَالِي وَنُورًا مِنْ فَوْقِي وَنُورًا مِنْ تَحْتِي، اللَّهُمَّ زِدْنِي نُورًا وَأَعْطِنِي نُورًا وَاجْعَلْ لِي نُورًا» هَذَا الْحَدِيثُ يَشْتَمِلُ عَلَى عَدَدِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتٍ لَهُ مِنْهَا: «الْقَاضِي»، قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الْمُلْزِمُ حُكْمُهُ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَاكِمَ مِنَ الْعِبَادِ لَا يَقُولُ إِلَّا مَا يَقُولُهُ الْمُفْتِي، غَيْرَ أَنَّ الْفُتْيَا لَمَّا كَانَتْ لَا تَلْزَمُ لُزُومَ الْحُكْمِ، وَالْحُكْمُ يَلْزَمُ، سُمِّيَ الْحَاكِمُ قَاضِيًا وَلَمْ يُسَمَّ الْمُفْتِي قَاضِيًا، فَعَلِمْنَا أَنَّ الْقَاضِيَ هُوَ الْمُلْزِمُ، وَحُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى جَدُّهُ كُلُّهُ لَازِمٌ فَهُوَ إِذًا قَاضٍ وَحُكْمُهُ قَضَاءٌ وَمِنْهَا «الْقَاهِرُ» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾ [الأنعام: ١٨]، قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يُدَبِّرُ خَلْقَهُ بِمَا يُرِيدُ فَيَقَعُ فِي ذَلِكَ مَا يَشُقُّ وَيَثْقُلُ، وَيُغِمُّ وَيُحْزِنُ وَيَكُونُ مِنْهُ سَلْبُ الْحَيَاةِ أَوْ بَعْضُ الْجَوَارِحِ فَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ رَدَّ تَدْبِيرِهِ وَالْخُرُوجَ مِنْ تَقْدِيرِهِ ⦗١٦٤⦘ وَمِنْهَا «الْقَهَّارُ» قَالَ ﷿: ﴿وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ [الرعد: ١٦] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي، وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: الَّذِي يَقْهَرُ وَلَا يُقْهَرُ بِحَالٍ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ الَّذِي قَهَرَ الْجَبَابِرَةَ مِنْ عُتَاةِ خَلْقِهِ بِالْعُقُوبَةِ، وَقَهَرَ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ بِالْمَوْتِ وَمِنْهَا «الْفَتَّاحُ» قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ﴾ [سبأ: ٢٦] وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الْحَاكِمُ أَيْ يَفْتَحُ مَا انْغَلَقَ بَيْنَ عِبَادِهِ وَيُمَيِّزُ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ وَيُعْلِي الْمُحِقَّ وَيُخْزِي الْمُبْطِلَ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَيَكُونُ مَعْنَى الْفَتَّاحُ أَيْضًا الَّذِي يَفْتَحُ أَبْوَابَ الرِّزْقِ وَالرَّحْمَةِ لِعِبَادِهِ، وَيَفْتَحُ الْمُنْغَلِقَ عَلَيْهِمْ مِنْ أُمُورِهِمْ وَأَسْبَابِهِمْ، وَيَفْتَحُ قُلُوبَهُمْ وَعُيُونَ بَصَائِرِهِمْ لِيُبْصِرُوا الْحَقَّ، وَيَكُونُ الْفَاتِحُ أَيْضًا بِمَعْنَى النَّاصِرِ كَقَوْلِهِ ﷾: ﴿إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ﴾ [الأنفال: ١٩] قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ: مَعْنَاهُ إِنْ تَسْتَنْصِرُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ النَّصْرُ
1 / 161