206

الأسماء والصفات

محقق

عبد الله بن محمد الحاشدي

الناشر

مكتبة السوادي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٣ هجري

مكان النشر

جدة

تصانيف

Creeds and Sects
٢٣٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ، ثنا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الْفَرَّاءُ، فِي قَوْلِهِ ﷿: ﴿وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ﴾ [سبأ: ٢١] أَيْ حُجَّةٍ يُضِلُّهُمْ بِهِ إِلَّا أَنَّا سَلَّطْنَاهُ عَلَيْهِمْ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ قَالَ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ اللَّهَ خَبَّرَهُمْ بِتَسْلِيطِ إِبْلِيسَ وَبِغَيْرِ تَسْلِيطِهِ قُلْتُ: مِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ، قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ﴾ [محمد: ٣١] وَهُوَ يَعْلَمُ الْمُجَاهِدِينَ وَالصَّابِرِينَ بِغَيْرِ ابْتَلَاءٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ: «أَحَدُهُمَا» أَنَّ الْعَرَبَ تَشْتَرِطُ لِلْجَاهِلِ إِذَا كَلَّمَتْهُ شِبْهَ هَذَا شَرْطًا تُسْنِدُهُ إِلَى أَنْفُسِهَا وَهِيَ عَالِمَةٌ، وَمَخْرَجُ الْكَلَامِ كَأَنَّهُ لِمَنْ لَا يَعْلَمُ: مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ: النَّارُ تَحْرِقُ الْحَطَبَ، فَيَقُولَ الْجَاهِلُ: بَلِ الْحَطَبُ يَحْرِقُ النَّارَ فَيَقُولُ الْعَالِمُ: سَنَأْتِي بِحَطَبٍ وَنَارٍ لِنَعْلَمَ أَيُّهُمَا يَأْكُلُ صَاحِبَهُ، أَوْ قَالَ: أَيُّهُمَا يَحْرِقُ صَاحِبَهُ، وَهُوَ عَالِمٌ فَهَذَا وَجْهٌ بَيِّنٌ «وَالْوَجْهُ الْآخَرُ» أَنْ يَقُولَ: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ، مَعْنَاهُ حَتَّى نَعْلَمَ عِنْدَكُمْ، فَكَأَنَّ الْفِعْلَ لَهُمْ فِي الْأَصْلِ وَمِثْلُهُ مِمَّا يَدُلُّكَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم: ٢٧] عِنْدَكُمْ يَا كَفَرَةُ، وَلَمْ يَقُلْ عِنْدَكُمْ وَذَلِكَ مَعْنَاهُ وَمِثْلُهُ: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ [الدخان: ٤٩] أَيْ عِنْدَ نَفْسِكَ إِذَا كُنْتَ تَقُولُهُ فِي دُنْيَاكَ، وَمِثْلُهُ قَالَ اللَّهُ لِعِيسَى: ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ﴾ [المائدة: ١١٦] وَهُوَ يَعْلَمُ مَا يَقُولُ وَمَا يُجِيبُهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ عِيسَى، وَعِيسَى يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِجَابَتِهِ، فَكَمَا صَلْحُ أَنْ يَسْأَلَ عَمَّا يَعْلَمُ وَيَلْتَمِسُ مِنْ عَبْدِهِ وَنَبِيِّهِ الْجَوَابَ، فَكَذَلِكَ يَشْتَرِطُ مَا يَعْلَمُ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ عِنْدَ الْجَاهِلِ لَا يَعْلَمُ، وَحَكَى الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ ﵁ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ ⦗٣١١⦘ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ﴾ [البقرة: ١٤٣] يَقُولُ: إِلَّا لِنَعْلَمَ أَنْ قَدْ عَلِمْتُمْ مِنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ، وَعِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ قَبْلَ اتِّبَاعِهِمْ وَبَعْدَهُ سَوَاءً وَقَالَ غَيْرُهُ: إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ بِوُقُوعِ الِاتِّبَاعِ مِنْهُ كَمَا عَلِمْنَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَتَّبِعُهُ

1 / 310