الأنوار الكاشفة لما في كتاب «أضواء على السنة» - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
علي بن محمد العمران
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
عن هارون بن عنترة عن أبيه: أن ابن عباس أرْخَصَ له أن يكتب.
هذا وقد أخرج الدارميّ (^١) بسند رجاله ثقات عن أنس أنه كان يقول لبنيه: «يا بَنِيَّ قيّدوا هذا العلم»، وذكره ابن عبد البر (^٢) ولفظه: «قيّدوا العلم بالكتاب» ورُوي هذا من قول النبي ﷺ، ومن قول عمر، ومن قول ابن عمر، وإنما يصح من قول أنس ﵁.
وروى الدارميّ وابن عبد البر (^٣) وغيرهما بسند حسن: أن أبا أمامة الباهلي ﵁ سئل عن كتاب العلم فقال: لا بأس به.
وأخرج الدارميّ (^٤) وغيره بسند رجاله ثقات عن بشير بن نَهِيك ــ وهو ثقة ــ قال: «كنت أكتب ما أسمع من [ص ٢٨] أبي هريرة، فلما أردت أن أفارقه أتيته بكتابه فقرأته عليه وقلت له: هذا ما سمعت منك؟ قال: نعم».
فالحاصل أن ما رُوي عن عمر وأبي موسى من الكراهة إنما كان ــ كما صرَّحا به ــ خشية أن يكبَّ الناسُ على الكتب ويَدَعُوا القرآن، وأما من عاش بعدهما من الصحابة فمنهم أبو سعيد بقي على الامتناع، ومنهم ابن عباس امتنع ورخَّص. ومنهم من رأى أنه قد زال المانع كما قال عروة الراوي امتناع عمر: «إن كتاب الله قد استمرَّت مريرتُه» وقد مرَّ ذلك، ورأوا أن الحاجة إلى الكتابة قد قويت؛ لأن الصحابة قد قَلُّوا، وبقاءُ الأحاديث تتناقل بالسماع والحفظ فقط لا يُؤْمَنُ معه الخلل، فرأوا للناس الكتابة. كما مرَّ عن
_________
(^١) (٥٠٨).
(^٢) «الجامع»: (١/ ٣١٦).
(^٣) «المسند» (٥١٠)، و«الجامع»: (١/ ٣١٧).
(^٤) (٥١١) وهو عند ابن عبد البر: (١/ ٣١٣) وغيره.
12 / 55