الأنوار الكاشفة لما في كتاب «أضواء على السنة» - ط السلفية
الناشر
المطبعة السلفية ومكتبتها / عالم الكتب
مكان النشر
بيروت
تصانيف
وأما السنة فبيانها لوجوب أن يقبل خبر الواحد العدل أوضح، وقد أطال أهل العلم في ذلك وألفوا فيه، وانظر رسالة الشافعي (ص٤٠١-٤٥٨) وأحكام ابن حزم (١٠٨:١) ومن أبين ما احتجوا به ما تواتر من بعث النبي ﷺ آحاد الناس إلى القبائل والأقطار يبلغ كل واحد منهم من أرسل إليه ويعلمهم ويقيم لهم دينهم. قال ابن حزم «بعث رسول الله ﷺ معاذ إلى الجند وجهات من اليمن، وأبا موسى إلى جهة أخرى.. وأبا عبيدة إلى نجران، وعليًا قاضيًا إلى اليمن، وكل من هؤلاء مضى إلى جهة ما معلمًا لهم شرائع الإسلام. «وكذلك بعث أميرًا إلى كل جهة أسلمت ... معلمًا لهم دينهم ومعلمًا لهم القرآن ومفتيًا لهم في أحكام دينهم وقاضيًا فيماوقع بينهم وناقلًا إليهم ما يلزمهم عن الله تعالى ورسوله، وهم مأمورون بقبول ما يخبرونهم به عن نبيهم ﷺ. وبعثة هؤلاء المذكورين مشهورة بنقل التواتر من كافر ومؤمن لا يشك فيها أحد ... ولا في أن بعثتهم إنما كانت لما ذكرنا. [و] من المحال الباطل الممتنع أن يبعث إليه رسول الله ﷺ من لا تقوم عليهم الحجة بتبليغه، ومن لا يلزمهم قبول ما علموهم من القرآن وأحكام الدين وما أفتوهم به في الشريعة ... إذ لو كان ذلك لكانت بعثته لهم فضولًا، ولكان ﵇ قائلًا للمسلمين: بعثت إليكم من لا يجب عليكم أن تقبلوا منه ما بلغكم عني، ومن حكمكم أن لا تلتفتوا إلى ما نقل إليكم عني ... ومن قال بهذا فقد فارق الإسلام» .
والحجج في هذا الباب كثيرة، وإجماع السلف على ذلك محقق.
قال أبو رية (ص٣٤): «أما عمر فقد كان أشد من ذلك احتياطًا وتثبيتًا روى البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور، فقال: استأذنت على عمر ثلاثًا فلم يؤذن لي، فرجعت، قال عمر: ما منعك؟ قلت: استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، وقال
1 / 66