الأنوار الكاشفة لما في كتاب «أضواء على السنة» - ط السلفية
الناشر
المطبعة السلفية ومكتبتها / عالم الكتب
مكان النشر
بيروت
تصانيف
مراده بما يتفق عليه الجميع أن يلتزم أن يكون وضوؤه الذي يصلي به وضوءًا يتفق العلماء على صحته، يتوضأ من كل ما قال عالم إنه ينقض الوضوء. وهكذا في سائر عمله، يأخذ بالأشد الأشد من أقوال المختلفين. وفهم منها صاحب المنار أن لا يتوضأ من شيء قال عالم إنه لا ينقض الوضوء. وهكذا في سائر عمله أيضا ًبالأخف الأخف من أقوال المختلفين. فلينظر العالم أين هذا من ذلك؟
على أنه إن لم يتوضأ إلا بما اتفقوا على أنه قد ينقض الوضوء قد يكون وضوؤه باطلًا بإتفاقهم وذلك أن بعض العلماء يوجب الوضوء بمس الذكر ولا يوجبه من خروج الدم، وبعضهم يعكس، فإذا وقع لعامي هذا وهذا ولم يتوضأ فوضوؤه الأول باطل باتفاق الفريقين ومع أن مراد الغزالي الاحتياط الأكيد اقتصر على أن فيه «الأمان في طريق الآخرة» ومع أن صاحب المنار قلبه على التفريط الشديد لم يقتصر على أن صاحبه يكون ناجيًا في الآخرة بل زاد «مقربا ً عند الله تعالى»
وبعد فلندع الغزالي وصاحب المنار، ولنرجع إلى الحجة، إننا نعلم أن لكثير من علماء الفرق زلات وشواذ مخالفة لدلالات واضحة من القرآن، ولأحاديث تبلغ درجة التواتر المعنوي أو درجة القطع عند من يعرف الرواية والرواة، ومثل هذا غير قليل، فالمقتصر على ما اتفق عليه على ما فهمه صاحب المنار لابد أن يخالف الكتاب والسنة حتمًا في كثير من القضايا، هذا في المخالفة القطعية، فأما الظنية فحدَّث عن كثرتها ولا حرج.
ومن جهة آخرى، فمن المحال عادة أن يكون الحق دائمًا من المسائل الخلافية مع المرخصين، فالترخص فيهاكلها ترك متيقن لكثير من الحق. ولنفرض أن جماعة تتبعوا أقوال علماء المسلمين من جميع الفرق ثم جمعوا كتابًا ضمنوه ما اتفق المسلمون على أنه واجب أو حرام أو باطل (١) وأهملوا ما عدا ذلك، فهل يقال إن
_________
(١) انظر هل يسمحون بزيادة «أو مندوب»
1 / 26